قَالَ السُّهيْلي: هِيَ زَيْنَب، وَقيل كيسة (1) بنت الْحَارِث بن كريز بن حبيب بن عبد شمس، وَكَانَ مُسَيْلمَة قد تزَوجهَا قَدِيما ثمَّ فَارقهَا، فَلهَذَا نزلُوا فِي دارها (2) .
قَالَ ابْن إِسْحَاق: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ عُلَمَائِنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ بَنِي حَنِيفَةَ أَتَتْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتُرُهُ بِالثِّيَابِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ مَعَهُ عَسِيبٌ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ فِي رَأْسِهِ خُوصَاتٌ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَسْتُرُونَهُ بِالثِّيَابِ كَلَّمَهُ وَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ سَأَلْتَنِي هَذَا الْعَسِيبَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ ".
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ أَنَّ حَدِيثَهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذَا، وَزَعَمَ أَنَّ وَفْدَ بَنِي حَنِيفَةَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلفوا مُسَيْلِمَةَ فِي رِحَالِهِمْ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا ذَكَرُوا مَكَانَهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ خَلَّفْنَا صَاحِبًا لَنَا فِي رِحَالِنَا وَفِي رَكَائِبِنَا يَحْفَظُهَا لَنَا.
قَالَ: فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ لِلْقَوْمِ، وَقَالَ: " أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِشَرِّكُمْ مَكَانًا " أَيْ لِحِفْظِهِ ضَيْعَةَ أَصْحَابِهِ.
ذَلِكَ الَّذِي يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءُوا مُسَيْلِمَةَ بِمَا أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْيَمَامَةِ ارْتَدَّ عَدُوُّ اللَّهِ وَتَنَبَّأَ وَتَكَذَّبَ لَهُمْ، وَقَالَ: إِنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ فِي الْأَمْرِ مَعَهُ.
وَقَالَ لِوَفْدِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ: أَلَمْ يَقُلْ لَكُمْ حِينَ ذَكَرْتُمُونِي لَهُ: " أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِشَرِّكُمْ مَكَانًا " مَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا كَانَ يَعْلَمُ أَنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ فِي الْأَمْرِ مَعَهُ.
ثُمَّ جَعَلَ يَسْجَعُ لَهُمُ السَّجَعَاتِ وَيَقُولُ لَهُمْ فِيمَا يَقُولُ مُضَاهَاةً لِلْقُرْآنِ: لَقَدْ أَنْعَمَ الله على