عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَتَمَتُّعِ النَّاسِ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
* * * وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرَّمِيِّ، عَنْ حُجَيْنِ بْنِ الْمُثَنَّى، ثَلَاثَتُهُمْ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.
كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ.
أَمَّا قَوْلُ الْإِفْرَادِ: فَفِي هَذَا إِثْبَاتُ عُمْرَةٍ إِمَّا قَبْلَ الْحَجِّ أَوْ مَعَهُ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ التَّمَتُّعِ الْخَاصِّ، فَلِأَنَّهُ ذكر أَنه لم يحل من إِحْرَامه بعد مَا طَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَيْسَ هَذَا شَأْنَ الْمُتَمَتِّعِ.
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَهُ مِنَ التَّحَلُّلِ سَوْقُ الْهَدْيِ، كَمَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنَ الْعُمْرَةِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لبدت رَأْسِي وقلدت هَدْيِي فَلَا أحل حَتَّى أَنْحَرَ.
فَقَوْلُهُمْ بِعِيدٌ، لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي إِثْبَاتِ الْقِرَانِ تَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ وَتَأْبَى كَونه عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا أَهَلَّ أَوَّلًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ بَعْدَ سَعْيِهِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ; فَإِنَّ هَذَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ بَلْ وَلَا حَسَنٍ وَلَا ضَعِيفٍ.
وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: " تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ " إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ التَّمَتُّعُ الْخَاصُّ، وَهُوَ الَّذِي يُحِلُّ مِنْهُ بَعْدَ السَّعْيِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مَا يَرُدُّهُ، ثُمَّ فِي إِثْبَات الْعمرَة الْمُقَارنَة لحجه عَلَيْهِ السَّلَام مَا يأباه.