وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس بِإِسْنَاد غَرِيب وَلَفظ غَرِيب.
فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ،
حَدثنَا ابْنُ أَبِي قُمَاشٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أبوعمران الجبلى، حَدثنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عبد الْملك بن عبد الله بن أنَاس اللَّيْثِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ فَقَالَ: خُذْ بِيَدِي يَا فَضْلُ.
قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ حَتَّى قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ.
ثُمَّ قَالَ: نَادِ فِي النَّاسِ يَا فَضْلُ.
فَنَادَيْتُ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً.
قَالَ: فَاجْتَمَعُوا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي خلوف مِنْ بَيْنِ أَظْهَرُكُمْ، وَلَنْ تَرَوْنِي فِي هَذَا الْمَقَامِ فِيكُمْ، وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَنَّ غَيْرَهُ غَيْرُ مُغْنٍ عَنِّي حَتَّى أَقُومَهُ فِيكُمْ، أَلَا فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرًا فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدْ، وَمَنْ كُنْتُ أَخَذْتُ لَهُ مَالًا فَهَذَا مَالِي فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ، وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ، وَلَا يَقُولَنَّ قَائِلٌ: أَخَاف الشحناء من قبل رَسُول الله، أَلَا وَإِنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِنْ شَأْنِي وَلَا مِنْ خُلُقِي، وَإِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ مِنْ أَخَذَ حَقًّا إِنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَوْ حَلَّلَنِي فَلَقِيت الله عزوجل وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلِمَةٌ.
قَالَ: فَقَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِي عِنْدَكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.
فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا أُكَذِّبُ قَائِلًا وَلَا مُسْتَحْلِفُهُ عَلَى يَمِينٍ، فِيمَ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي؟ قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّهُ مَرَّ بِكَ سَائِلٌ فَأَمَرْتَنِي فَأَعْطَيْتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ.
قَالَ: أَعْطِهِ يَا فَضْلُ.
قَالَ: وَأَمَرَ بِهِ فَجَلَسَ.
قَالَ: ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقَالَتِهِ الْأُولَى.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْغُلُولِ شئ فَلْيَرُدَّهُ.
فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي ثَلَاثَة