فَائِدَةٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ مَا مَضْمُونُهُ: لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَام يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سنة إِحْدَى عشرَة.
وَذَلِكَ لانه عَلَيْهِ السَّلَام وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ; فَكَانَ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ يَوْمُ الْخَمِيسِ، فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تُحْسَبَ الشُّهُورُ تَامَّةً أَوْ نَاقِصَةً أَوْ بَعْضُهَا تَامٌّ وَبَعْضُهَا نَاقِصٌ، لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.
وَقَدِ اشْتُهِرَ هَذَا الْإِيرَادُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَقَدْ حَاوَلَ جَمَاعَةٌ الْجَوَابَ عَنْهُ.
وَلَا يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ إِلَّا بِمَسْلَكٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ اخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ، بِأَنْ يَكُونَ أَهْلُ مَكَّةَ رَأَوْا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَرَوْهُ إِلَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ - يَعْنِي مِنَ الْمَدِينَةِ - إِلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وَيَتَعَيَّنُ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ
الْخَمِيسِ، لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ أَكثر من خمس بلاشك، وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لِأَنَّ أَنَسًا قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ.
فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ السَّبْتِ لِخَمْسٍ بَقِينَ.
فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا رَأَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا كَانَ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْجُمُعَةُ وَحُسِبَتِ الشُّهُورُ بَعْدَهُ كَوَامِلُ يَكُونُ أَوَّلَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمُ الْخَمِيسِ، فَيَكُونُ ثَانِيَ عَشْرِهِ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ