لَا يَكُونُ أَبَوَاهُ وَجَدُّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَقَدْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْوَثَنَ، حَتَّى مَاتُوا وَلَمْ يَدِينُوا دِينَ عِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكُفْرُهُمْ لَا يَقْدَحُ فِي نَسَبِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ.
أَلَا تَرَاهُمْ يُسْلِمُونَ مَعَ زَوْجَاتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ وَلَا مُفَارَقَتُهُنَّ، إِذَا كَانَ مِثْلُهُ يَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ.
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْتُ: وَإِخْبَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبَوَيْهِ وَجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَا يُنَافِي الْحَدِيثَ الْوَارِدَ عَنْهُ مَنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّ أَهْلَ الْفَتْرَةِ وَالْأَطْفَالَ وَالْمَجَانِينَ وَالصُّمَّ يُمْتَحَنُونَ فِي الْعَرَصَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا بَسَطْنَاهُ سَنَدًا وَمَتْنًا فِي تَفْسِيرِنَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) فَيَكُونُ مِنْهُمْ مَنْ يُجِيبُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُجِيبُ.
فَيَكُونُ هَؤُلَاءِ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ لَا يُجِيبُ فَلَا مُنَافَاةَ.
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَجْهُولَينِ إِلَى ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَ أَبَوَيْهِ، فَأَحْيَاهُمَا وَآمَنَا بِهِ، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا.
وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا بِالنَّظَرِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
لَكِنَّ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ يُعَارِضُهُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ يَعْنِي بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ - فَكَانَ يُوضَعُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِرَاشٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَكَانَ بَنُوهُ يَجْلِسُونَ حَوْلَ فِرَاشِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيْهِ، لَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَنِيهِ إِجْلَالًا لَهُ.