قَالَ: كَانَ لِبَنِي عُذْرَةَ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ صمام، وَكَانُوا يُعَظِّمُونَهُ، وَكَانَ فِي بَنِي هِنْدِ بْنِ حرَام ابْن ضبة بن عبد بن كَبِير (1) بْنِ عُذْرَةَ، وَكَانَ سَادِنُهُ رَجُلًا يُقَالَ لَهُ طَارِقٌ، وَكَانُوا يَعْتِرُونَ عِنْدَهُ.
فَلَمَّا ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْنَا صَوْتًا يَقُولُ: يَا بَنِي هِنْدِ بْنِ حَرَامٍ، ظَهَرَ الْحق وأودى صمام، وَدَفَعَ الشِّرْكَ الْإِسْلَامُ.
قَالَ: فَفَزِعْنَا لِذَلِكَ وَهَالَنَا.
فَمَكَثْنَا أَيَّامًا ثُمَّ سَمِعْنَا صَوْتًا وَهُوَ يَقُولُ: يَا طَارِقُ يَا طَارِقْ، بُعِثَ النَّبِيُّ الصَّادِقْ، بِوَحْيٍ نَاطِقْ، صَدَعَ صَادِعٌ بِأَرْضِ تِهَامَةْ، لِنَاصِرِيهِ السَّلَامَةْ، وَلِخَاذِلِيهِ النَّدَامَةْ، هَذَا الْوَدَاعُ مِنِّي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةْ.
قَالَ زَمِلٌ: فَوَقَعَ الصَّنَمُ لِوَجْهِهِ.
قَالَ: فَابْتَعْتُ رَاحِلَةً وَرَحَلْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي وَأَنْشَدْتُهُ شِعْرًا قُلْتُهُ: إِلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ أَعْمَلْتُ نَصهَا * وكلفتها حزنا وغورا مِنَ الرَّمْلِ لِأَنْصُرَ خَيْرَ النَّاسِ نَصْرًا مُؤَزَّرًا * وَأَعْقِدُ حَبْلًا مِنْ حِبَالِكَ فِي حَبْلِي وَأَشْهَدُ أَن الله لَا شئ غَيْرُهُ * أَدِينُ بِهِ مَا أَثْقَلَتْ قَدَمِي نَعْلِي قَالَ: فَأَسْلَمْتُ وَبَايَعَتْهُ، وَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا سَمِعْنَا فَقَالَ: " ذَاكَ مِنْ كَلَامِ الْجِنِّ ".
ثُمَّ قَالَ: " يَا معشر الْعَرَب، إنى رَسُول الله إِلَيْكُم وَإِلَى الْأَنَامِ كَافَّةً، أَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وأنى رَسُوله وَعَبده، وَأَن تَحُجُّوا الْبَيْت وتصوموا شهرا من أثنى عشر شهرا وَهُوَ رَمَضَانَ، فَمَنْ أَجَابَنِي فَلَهُ الْجَنَّةُ نُزُلَا، وَمَنْ عَصَانِي كَانَتِ النَّارُ لَهُ مُنْقَلَبًا ".
قَالَ: فَأَسْلَمْنَا وَعَقَدَ لَنَا لِوَاءً.
وَكَتَبَ لَنَا كِتَابًا نُسْخَتُهُ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِزَمِلِ بْنِ عَمْرٍو وَمِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ خَاصَّةً، إِنِّي بَعَثْتُهُ إِلَى قَوْمِهِ عَامِدًا، فَمِنْ أَسْلَمَ فَفِي حِزْبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَمَنْ أَبَى فَلَهُ أَمَانُ شَهْرَيْنِ.
شَهِدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالب وَمُحَمّد بن مسلمة الانصاري ".