قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أخبر رجل يُقَال لَهُ ربيعَة بن عباد من بَنِي الدِّيلِ، وَكَانَ جَاهِلِيًّا فَأَسْلَمَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي سُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَهُوَ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا " وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ وضئ الْوَجْهِ أَحْوَلُ ذُو غَدِيرَتَيْنِ يَقُولُ: إِنَّهُ صَابِئٌ كَاذِبٌ.
يَتْبَعُهُ حَيْثُ ذَهَبَ.
فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا: هَذَا عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ.
ثُمَّ رَوَاهُ هُوَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحسن الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمر، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ رَبِيعَةَ الدِّيلِيِّ.
قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْمَجَازِ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ تَقِدُ وَجْنَتَاهُ وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا
النَّاسُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ وَدِينِ آبَائِكُمْ.
قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: هَذَا أَبُو لَهَبٍ.
ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ كِنَانَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَهُوَ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا " وَإِذَا رَجُلٌ خَلْفَهُ يُسْفِي عَلَيْهِ التُّرَابَ، وَإِذَا هُوَ أَبُو جَهْلٍ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ فَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ تَتْرُكُوا عِبَادَةَ اللَّاتِ وَالْعُزَّى.
كَذَا قَالَ: " أَبُو جَهْلٍ "، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَبُو لَهَبٍ، وَسَنَذْكُرُ بَقِيَّةَ تَرْجَمَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا أَبُو طَالِبٍ فَكَانَ فِي غَايَةِ الشَّفَقَةِ وَالْحُنُوِّ الطَّبِيعِيِّ كَمَا سَيَظْهَرُ مِنْ صَنَائِعِهِ