فَبَعَثَنَا قَوْمُهُمْ لِيَرُدَّهُمُ الْمَلِكُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا نَحْنُ كَلَّمْنَاهُ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يَفْعَلَ.
فَقَالُوا: نَفْعَلُ.
ثُمَّ قَدَّمُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ، وَكَانَ مِنْ أَحَبِّ مَا يُهْدُونَ إِلَيْهِ مِنْ مَكَّةَ الْأُدُمُ (1) ، وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّهُمْ أَهْدَوْا إِلَيْهِ فَرَسًا وَجُبَّةَ دِيبَاجٍ.
فَلَمَّا أَدْخَلُوا عَلَيْهِ هَدَايَاهُ قَالُوا لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّ فِتْيَةً مِنَّا سُفَهَاءَ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دينك، وَجَاءُوا بدين مُبْتَدع لَا نعرفه، وَقد لجأوا إِلَى بِلَادِكَ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ عَشَائِرُهُمْ، آبَاؤُهُمْ وَأَعْمَامُهُمْ وَقَوْمُهُمْ لِتَرُدَّهُمْ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ فَتَمْنَعَهُمْ لِذَلِكَ.
فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ: لَا لَعَمْرُ الله! لَا أردهم حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأُكَلِّمَهُمْ وَأَنْظُرَ مَا أَمْرُهُمْ، قَوْمٌ لجأوا إِلَى بِلَادِي وَاخْتَارُوا جِوَارِي عَلَى جِوَارِ غَيْرِي، فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولُونَ رَدَدْتُهُمْ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ وَلَمْ أَدْخُلْ بَينهم وَبينهمْ، وَلم أنعم عَيْنًا.
وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّ أُمَرَاءَهُ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى أَسْمَعَ كَلَامَهُمْ وَأَعْلَمَ عَلَى أَيِّ شئ هُمْ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ سَلَّمُوا وَلَمْ يَسْجُدُوا لَهُ، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّهْطُ أَلَا تُحَدِّثُونِي مَا لَكُمْ
لَا تُحَيُّونِي كَمَا يُحَيِّينِي مَنْ أَتَانَا من قومكم؟ ! فَأَخْبرُونِي مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى، وَمَا دِينُكُمْ؟ أَنَصَارَى أَنْتُم؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: أفيهود أَنْتُم؟