فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى قَوْلًا عَظِيمًا، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَسَلْهُمْ عَنْهُ.
فَبَعَثَ وَاللَّهِ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا.
فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: مَاذَا تَقُولُونَ لَهُ فِي عِيسَى إِن هُوَ يسألكم عَنْهُ؟ فَقَالُوا: نَقُولُ وَاللَّهِ الَّذِي قَالَهُ اللَّهُ فِيهِ، وَالَّذِي أَمَرَنَا نَبِيُّنَا أَنْ نَقُولَهُ فِيهِ.
فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ بَطَارِقَتُهُ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى بن مَرْيَمَ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ.
فَدَلَّى النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ عُودًا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ فَقَالَ: مَا عَدَا عِيسَى بن مَرْيَمَ مِمَّا قُلْتَ هَذَا الْعُوَيْدَ.
فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ (1) ، فَقَالَ: وَإِن تناخرتم وَالله! اذْهَبُوا فَأنْتم شيوم فِي الارض.
الشيوم: الْآمِنُونَ فِي الْأَرْضِ.
مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، ثَلَاثًا.
مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ، وَالدَّبْرُ بِلِسَانِهِمُ: الذَّهَبُ.
وَقَالَ زِيَادٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا من ذهب.
قَالَ ابْن هِشَام: وَيُقَال زبرا.
وَهُوَ الْجَبَل بلغتهم.
ثمَّ قَالَ النَّجَاشِيّ: فو الله مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، وَلَا أَطَاعَ
النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعَ النَّاس فِيهِ، ردوا عَلَيْهِمَا هداياهم فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا، وَاخْرُجَا مِنْ بِلَادِي.