وَإِذا كَانَ لِابْنِ كثير طَابع تَجْدِيد تميز بِهِ، فَإِنَّهُ قد اكْتَسبهُ من علاقته بِابْن تَيْمِية وحبه لَهُ وتأثره بآرائه، فقد كَانَ ابْن كثير كأستاذه ابْن تَيْمِية ينفر من الخرافات ويميل إِلَى الرُّجُوع إِلَى السّنة ويعتمد على التَّحْقِيق والتدقيق بوسيلته الَّتِى يملكهَا، وهى نقد الاسانيد وتمحيص الاخبار.
كَذَلِك كَانَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره إِمَامًا وَصَاحب مدرسة، إِذْ نفر من الاسرائيليات والاخبار الْوَاهِيَة، كَمَا نفر من التفلسف وإقحام الرأى فِي كتاب الله، وآثر مَنْهَج تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ ثمَّ بِالْحَدِيثِ والاثر.
مَنْزِلَته وآراء الْعلمَاء فِيهِ: احتل ابْن كثير منزلَة عالية فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفَتْوَى..يَقُول عَنهُ الذَّهَبِيّ: (الامام الْمُفْتى الْمُحدث البارع، فَقِيه متفنن، ومفسر نقال، وَله تصانيف مفيدة.
وَيَقُول عَنهُ ابْن حجر: (اشْتغل بِالْحَدِيثِ مطالعة فِي متونه وَرِجَاله، وَكَانَ كثير الاستحضار حسن المفاكهة، سَارَتْ تصانيفه فِي حَيَاته، وانتفع النَّاس بهَا بعد وَفَاته) .
وَيَقُول عَنهُ ابْن تغرى بردى: (لَازم الِاشْتِغَال ودأب وَحصل وَكتب، وبرع فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث، وَجمع وصنف، ودرس وَحدث وَألف، وَكَانَ لَهُ اطلَاع عَظِيم فِي الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَالْفِقْه والعربية، وَغير ذَلِك.
وَأفْتى ودرس إِلَى أَن توفى) .
وَقد اشْتهر ابْن كثير بالضبط والتحرى وَالِاسْتِقْصَاء، وانتهت إِلَيْهِ فِي عصره الرياسة فِي التَّارِيخ والْحَدِيث وَالتَّفْسِير.
يَقُول عَنهُ ابْن حجى، أحد تلامذته: (أحفظ من أدركناه لمتون الاحاديث ورجالها، وأعرفهم بجرحها وصحيحها وسقيمها، وَكَانَ أقرانه وشيوخه يعترفون لَهُ بذلك،