إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَى * وَلَاقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ كَمِثْلِهِ * فَتُرْصِدَ لِلْأَمْرِ الَّذِي كَانَ أَرَصَدَا فَإِيَّاكَ وَالْمَيْتَاتِ لَا تَقْرَبَنَّهَا * وَلَا تأخذن سَهْما حديدا لتقصدا وَذَا النُّصُبَ الْمَنْصُوبَ لَا تَنْسُكَنَّهُ * وَلَا تَعْبُدِ الْأَوْثَانَ وَاللَّهَ فَاعْبُدَا وَلَا تَقْرَبَنَّ حُرَّةً (1) كَانَ سِرُّهَا * عَلَيْكَ حَرَامًا فَانْكِحَنْ أَوْ تَأَبَّدَا (2) وَذَا الرَّحِمِ الْقُرْبَى فَلَا تَقْطَعَنَّهُ * لِعَاقِبَةٍ وَلَا الْأَسِيرَ الْمُقَيَّدَا
وَسَبِّحْ عَلَى حِينِ الْعَشِيَّةِ (3) وَالضُّحَى * وَلَا تَحْمَدِ الشَّيْطَانَ وَاللَّهَ فَاحْمَدَا وَلَا تَسْخَرَنَّ مِنْ بَائِسٍ ذِي ضَرَارَةٍ * وَلَا تَحْسَبَنَّ الْمَالَ لِلْمَرْءِ مُخْلِدَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَلَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ أَو قريب مِنْهَا، اعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ جَاءَ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُسْلِمَ.
فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَصِيرٍ: إِنَّهُ يُحَرِّمُ الزِّنَا.
فَقَالَ الاعشى: وَالله إِن ذَلِك لامر مالى فِيهِ مِنْ أَرَبٍ.
فَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ: إِنَّهُ يُحَرِّمُ الْخَمْرَ.
فَقَالَ الْأَعْشَى: أَمَّا هَذِهِ فو الله إِن فِي نَفسِي مِنْهَا العلالات، وَلَكِنِّي مُنْصَرِفٌ فَأَتَرَوَّى مِنْهَا عَامِي هَذَا، ثُمَّ آتِيهِ فَأُسْلِمُ.
فَانْصَرَفَ فَمَاتَ فِي عَامِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَعُدْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هَكَذَا أَوْرَدَ ابْنُ هِشَامٍ هَذِهِ الْقِصَّةَ هَا هُنَا، وَهُوَ كَثِيرُ الْمُؤَاخَذَاتِ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهَذَا مِمَّا يُؤَاخَذُ بِهِ ابْنُ هِشَامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ! فَإِنَّ الْخَمْرَ إِنَّمَا حُرِّمَتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ وَقْعَةِ بَنِي النَّضِيرِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.