فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَيَدْخُلُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ النَّارَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَنْ مَاتَ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ دَخَلَ النَّارَ.
فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ - لَعَنَهُ اللَّهُ -: وَاللَّهِ لَا بَرِحْتُ لَكَ إِلَّا عَدُوًّا (1) أَبَدًا وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فِي النَّارِ.
وَاشْتَدَّ عِنْدَ ذَلِكَ أَبُو لَهَبٍ وَسَائِرُ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ.
* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ النَّفَرَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ: أَبُو لَهَبٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَعَدِيُّ بْنُ الْحَمْرَاءِ، وَابْنُ الْأَصْدَاءِ الْهُذَلِيُّ.
وَكَانُوا جِيرَانَهُ، لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ.
وَكَانَ أَحَدُهُمْ، فِيمَا ذُكِرَ لِي، يَطْرَحُ عَلَيْهِ رَحِمَ الشَّاةِ وَهُوَ يُصَلِّي، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَطْرَحُهَا فِي بُرْمَتِهِ إِذَا نُصِبَتْ لَهُ، حَتَّى اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِجْرًا يَسْتَتِرُ بِهِ مِنْهُمْ إِذَا صَلَّى، فَكَانَ إِذَا طَرَحُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى عَوْدٍ ثُمَّ يَقِفُ بِهِ على بَابه ثمَّ يَقُول: يَا بني عبد منَاف أَي جوَار هَذَا؟ ثمَّ يلقيه فِي الطَّرِيقِ.
قُلْتُ: وَعِنْدِي أَنَّ غَالِبَ مَا رُوِيَ مِمَّا تقدم - من طرحهم سلا الْجَزُورِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَفِيهِ أَنَّ فَاطِمَةَ جَاءَتْ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ فَشَتَمَتْهُمْ، ثُمَّ لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى سَبْعَةٍ مِنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَكَذَلِكَ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ خَنْقِهِمْ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَنْقًا شَدِيدا،