فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَقَدْ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ، وَقد قَالَ لَهُم، فِيمَا ذكر لى، إِذْ فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ فَاكْتُمُوا عَلَيَّ.
وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْلُغَ قَوْمَهُ عَنْهُ فَيُذْئِرَهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ يَسُبُّونَهُ وَيَصِيحُونَ بِهِ حَتَّى اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس وألجأوه إِلَى حَائِطٍ لِعَتَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُمَا فِيهِ، وَرَجَعَ عَنْهُ مِنْ سُفَهَاءِ ثَقِيفٍ مَنْ كَانَ يَتْبَعُهُ.
فَعَمَدَ إِلَى ظِلِّ حَبَلَةٍ (1) مِنْ عِنَبٍ فَجَلَسَ فِيهِ، وَابْنَا رَبِيعَةَ يَنْظُرَانِ إِلَيْهِ وَيَرَيَانِ مَا يَلْقَى مِنْ سُفَهَاءِ أَهْلِ الطَّائِفِ.
وَقَدْ لَقِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا ذُكِرَ لِي، الْمَرْأَةَ التِي مِنْ بَنِي جُمَحَ، فَقَالَ لَهَا: مَاذَا لَقِينَا مِنْ أَحْمَائِكِ! فَلَمَّا اطْمَأَنَّ قَالَ فِيمَا ذكر: " اللَّهُمَّ إِلَيْك أَشْكُو ضعف قوتي وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي، إِلَى بِعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ ! إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي.
أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ أَوْ تُحِلَّ عَلَيَّ سَخَطَكَ، لَك العتبى حَتَّى ترْضى، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ".
قَالَ: فِلْمًا رَآهُ ابْنَا رَبِيعَةَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ وَمَا لقى تحركت لَهُ رحمهمَا، فدعوا غُلَاما لَهما نَصْرَانِيّا يُقَال لَهُ عداس وَقَالا لَهُ خُذْ قِطْفًا مِنْ هَذَا الْعِنَبِ فَضَعْهُ فِي هَذَا الطَّبَقِ، ثُمَّ اذْهَبْ بِهِ إِلَى ذَلِك الرجل فَقل لَهُ يَأْكُل مِنْهُ.