وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي قصَّة عَامر ابْن صَعْصَعَةَ وَقَبِيحِ رَدِّهِمْ عَلَيْهِ.
وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالسِّيَاقُ لِأَبِي نُعَيْمٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، مِنْ حَدِيثِ أَبَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ، خَرَجَ وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى مِنًى، حَتَّى دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْعَرَبِ.
فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَكَانَ رَجُلًا نَسَّابَةً، فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: مِنْ رَبِيعَةَ.
قَالَ: وَأَيُّ رَبِيعَةَ أَنْتُم أَمن هامها أم لهازمها؟ قَالُوا: بل من هامها الْعُظْمَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنْ أَيِّ هَامَتِهَا الْعُظْمَى؟ فَقَالَ: ذُهْلٌ الْأَكْبَرُ.
قَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ: مِنْكُمْ عَوْفٌ الَّذِي كَانَ يُقَالُ: لَا حُرَّ بَوَادِي عَوْفٍ؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَمِنْكُمْ بِسْطَامُ بْنُ قيس أَبُو اللِّوَاءِ (1) وَمُنْتَهَى الْأَحْيَاءِ؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَمِنْكُمْ الْحَوْفَزَانُ بْنُ شَرِيكٍ قَاتِلُ الْمُلُوكِ وَسَالِبُهَا أَنْفُسَهَا؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَمِنْكُمْ جَسَّاسُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ ذُهْلٍ، حَامِي الذِّمَارِ وَمَانِعُ الْجَارِ؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَمِنْكُمُ الْمُزْدَلِفُ صَاحِبُ الْعِمَامَةِ الْفَرْدَةِ؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَأَنْتُمْ أَخْوَالُ الْمُلُوكِ مِنْ كِنْدَةَ؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَأَنْتُمْ أَصْهَارُ الْمُلُوكِ مِنْ لَخْمٍ؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَلَسْتُمْ بِذُهْلٍ الاكبر، بل أَنْتُم ذهل الاصغر.