ثمَّ لما كَانَ سيل العرم وَتَفَرَّقَتْ شَذَرَ مَذَرَ، نَزَلَ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ الْمَدِينَةَ عِنْدَ الْيَهُودِ، فَحَالَفُوهُمْ وَصَارُوا يَتَشَبَّهُونَ بِهِمْ لِمَا يَرَوْنَ لَهُمْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَضْلِ فِي الْعِلْمِ الْمَأْثُورِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ.
لَكِنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا مُشْرِكِينَ بِالْهُدَى وَالْإِسْلَامِ، وَخَذَلَ أُولَئِكَ لحسدهم وبغيهم واستكبارهم عَن اتِّبَاع الْحق.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سَلمَة، حَدثنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِي.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُرَيج، حَدثنَا عَبَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَعْقِلُوا مَعَاقِلَهُمْ، وَأَنْ يَفْدُوا عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنَا سُرَيج، حَدثنَا عباد، عَن حجاج، عَن الحكم، عَن قَاسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمد.
وفى صَحِيح مُسلم عَن جَابر: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَادَعَ فِيهِ الْيَهُودَ وَعَاهَدَهُمْ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ وَشرط