فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى قَوْلِ سَعْدٍ: " كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ، وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤمنِينَ لكارهون " الْآيَاتِ.
وَذَكَرَهُ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: " وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ ": " وَأَعْطِنَا مَا شِئْتَ، وَمَا أَخَذْتَ مِنَّا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَ، وَمَا أَمَرْتَ بِهِ مِنْ أَمر فَأمرنَا تبع لامرك، فو الله لَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غُمْدَانَ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ ".
* * * قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ذَفِرَانَ، فَسَلَكَ عَلَى ثَنَايَا يُقَالُ لَهَا الْأَصَافِرُ، ثُمَّ انْحَطَّ مِنْهَا إِلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهُ الدَّابَّة، وَتَرَكَ الْحَنَّانَ بِيَمِينٍ، وَهُوَ
كَثِيبٌ عَظِيمٌ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ، ثُمَّ نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ، فَرَكِبَ هُوَ وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ أَبُو بَكْرٍ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى شَيْخٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَأَلَهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَا بَلَغَهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ الشَّيْخ: لَا أخبركما حَتَّى تخبراني مِمَّا أَنْتُمَا؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أخبرتنا أخبرناك.
فَقَالَ: أَو ذَاك بِذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ الشَّيْخُ: فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ خَرَجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كَانَ صَدَقَ الَّذِي أَخْبَرَنِي فَهُمُ الْيَوْمَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا.
لِلْمَكَانِ الَّذِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَبَلَغَنِي أَنَّ قُرَيْشًا خَرَجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَنِي صَدَقَنِي فَهُمُ الْيَوْمَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا.
لِلْمَكَانِ الَّذِي بِهِ قُرَيْشٌ.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خَبَرِهِ قَالَ: مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَحْنُ مِنْ مَاءٍ " ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ.
قَالَ يَقُولُ الشَّيْخُ: مَا مِنْ مَاءٍ؟ أَمِنْ مَاءِ الْعِرَاقِ؟