فَصْلٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي الْأُسَارَى: أَيُقْتَلُونَ أَوْ يُفَادَوْنَ عَلَى قَوْلَيْنِ.
كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَن أنس، وَذكر رجل، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بدر فَقَالَ: " إِن الله قَدْ أَمْكَنَكُمْ مِنْهُمْ ".
قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ عَاد النَّبِي فَقَالَ لِلنَّاسِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُمْ وَأَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ.
قَالَ: فَذَهَبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْغَمِّ، فَعَفَا عَنْهُمْ وَقَبِلَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ.
قَالَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لمسكم " الْآيَة.
انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَاللَّفْظُ لَهُ، وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَكَذَا على ابْن الْمَدِينِيِّ وَصَحَّحَهُ، مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابه
يَوْم بدر وهم ثلاثمة وَنَيِّفٌ، وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ.
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ إِلَى قَوْلِهِ: فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا.
وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا وَعُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةُ وَالْإِخْوَانُ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمُ الْفِدْيَة،