ووعد المشركين أنه يستميل لهم قومه من الأوس يوم اللقاء حتى يرجعوا إليهن فلما أقبل في عبدان أهل مكة والأحابيش تعرف إلى قومه فقالوا له: لا أنعم الله لك عيناً يا فاسق.
فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً.
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ (أمت أمت (وأبلى يومئذ أبو دجانة سماك بن خرشة، وحمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، (أسد الله وأسد رسوله رضي الله عنه وأرضاه (وكذا علي بن أبي طالب، وجماعة من الأنصار منهم: النضر بن أنس، وسعد بن الربيع رضي الله عنهم أجمعين.
وكانت الدولة أول النهار للمسلمين على الكفار، فانهزموا راجعين حتى وصلوا إلى نسائهم.
فلما رأى ذلك أصحاب عبد الله بن جبير قالوا: يا قوم، الغنيمة الغنيمة.
فذكرهم عبد الله بن جبير تقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه في ذلك، فظنوا أن ليس للمشركين رجعة، وأنهم لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، فذهبوا في طلب الغنيمة، وكر الفرسان من المشركين فوجدوا تلك الفرجة قد خلت من الرماة فجاوزوها وتمكنوا، وأقبل آخرهم، فكان ما أراد الله تعالى كونه، فاستشهد من أكرمهم الله بالشهادة من المؤمنين، فقتل جماعة من أفاضل الصحابة، وتولى أكثرهم.
وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرح في وجهه الكريم وكسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر، وهشمت البيضة على رأسه المقدس، ورشقه المشركون بالحجارة حتى وقع لشقه، وسقط في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق حفرها يكيد بها المسلمين، فأخذ علي بيده، واحتضنه طلحة بن عبيد الله.
وكان الذي تولى أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن قمئة وعتبة بن أبي