لَا عَن لَهَا " فكيدوني ثمَّ لَا تنْظرُون " أَنْتُم جَمِيعًا بِجَمِيعِ مَا يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَصِلُوا إِلَيْهِ وَتَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَلَا تُؤَخِّرُونِي سَاعَةً وَاحِدَةً وَلَا طَرْفَةَ عَيْنٍ فَإِنِّي لَا أُبَالِي بِكُمْ وَلَا أُفَكِّرُ فِيكُمْ، وَلَا أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ.
" إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ، مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم " أَيْ أَنَا مُتَوَكِّلٌ عَلَى اللَّهِ وَمُتَأَيِّدٌ بِهِ، وواثق بجنابه الذى لَا يضيع من لاذبه واستند إِلَيْهِ، فلست أبالى مخلوقا سواهُ، لست أَتَوَكَّلُ إِلَّا عَلَيْهِ وَلَا أَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ.
وَهَذَا وَحْدَهُ بُرْهَانٌ قَاطِعٌ عَلَى أَنَّ هُودًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّهُمْ عَلَى جَهْلٍ وَضَلَالٍ فِي عِبَادَتِهِمْ غَيْرَ اللَّهِ ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ بِسُوءٍ وَلَا نَالُوا مِنْهُ مَكْرُوهًا.
فَدَلَّ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ، وَبُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَفَسَادِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ.
وَهَذَا الدَّلِيلُ بِعَيْنِهِ قَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَهُ فِي قَوْلِهِ: " يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً، ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (1) ".
وَهَكَذَا قَالَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئا، وسع ربى كل شئ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا؟ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يلبسوا