إِبْرَاهِيم على السَّلَامُ وَبَيْنَهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَرَاهَا مُنْذُ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى أَنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ.
وَكَانَ مُشَاهِدًا لَهَا وَهِيَ عِنْدَ الْمَلِكِ، وَكَيْفَ عَصَمَهَا اللَّهُ مِنْهُ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَطْيَبَ لِقَلْبِهِ وَأَقَرَّ لِعَيْنِهِ وَأَشَدَّ لِطُمَأْنِينَتِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا، لِدِينِهَا وَقَرَابَتِهَا مِنْهُ وَحُسْنِهَا الْبَاهِرِ، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ تَكُنِ امْرَأَةٌ بَعْدَ حَوَّاءَ إِلَى زَمَانِهَا، أَحْسَنَ مِنْهَا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّوَارِيخِ (1) أَنَّ فِرْعَوْنَ مِصْرَ هَذَا كَانَ أَخًا لِلضَّحَّاكِ الْمَلِكِ الْمَشْهُورِ بِالظُّلْمِ، وَكَانَ عَامِلًا لِأَخِيهِ عَلَى مِصْرَ.
وَيُقَالُ كَانَ اسْمُهُ سِنَانَ بْنَ علوان بن عبيد بن عويج بْنِ عِمْلَاقِ بْنِ لَاوَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ فِي التِّيجَانِ: أَنَّ الَّذِي أَرَادَهَا عَمْرُو بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ مايلون بْنِ سَبَأٍ، وَكَانَ عَلَى مِصْرَ.
نَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ وَالله أَعْلَمُ.
* * * ثُمَّ إِنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجَعَ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ إِلَى أَرْضِ التَّيَمُّنِ، وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ الَّتِي كَانَ فِيهَا، وَمَعَهُ أَنْعَامٌ وَعَبِيدٌ وَمَالٌ جَزِيلٌ، وَصَحِبَتْهُمْ هَاجَرُ الْقِبْطِيَّةُ الْمِصْرِيَّةُ.
ثمَّ إِن لوطا عَلَيْهِ السَّلَام نزح بِمَالِه مِنَ الْأَمْوَالِ الْجَزِيلَةِ بِأَمْرِ الْخَلِيلِ لَهُ فِي ذَلِكَ، إِلَى أَرْضِ الْغَوْرِ، الْمَعْرُوفِ بِغَوْرِ زُغَرَ ; فَنَزَلَ بِمَدِينَةَ سَدُومَ (2) وَهِيَ أُمُّ تِلْكَ الْبِلَادِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ.
وَكَانَ أَهْلُهَا أَشْرَارًا كُفَّارًا فجارا.