ذكر ثَنَاء الله وَرَسُوله الْكَرِيم على عَبده وَخَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ، قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ للنَّاس إِمَامًا، قَالَ وَمن ذرتي؟ قَالَ لَا ينَال عهدي الظَّالِمين " لما وفى مَا أمره بِهِ ربه مِنَ التَّكَالِيفِ الْعَظِيمَةِ، جَعَلَهُ لِلنَّاسِ إِمَامًا يَقْتَدُونَ بِهِ وَيَأْتَمُّونَ بِهَدْيِهِ.
وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِمَامَةُ (1) مُتَّصِلَةً بِسَبَبِهِ، وَبَاقِيَةً فِي نَسَبِهِ، وَخَالِدَةً فِي عَقِبِهِ فَأُجِيبَ إِلَى مَا سَأَلَ وَرَامَ (2) وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ الْإِمَامَةُ بِزِمَامٍ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ نَيْلِهَا الظَّالِمُونَ، وَاخْتُصَّ بِهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: " وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَق وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ، وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (3) ".
وَقَالَ تَعَالَى: " وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَق وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ.
وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وإليسا كل من الصَّالِحين * وإسمعيل وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم (4) ".
فَالضَّمِير فِي قَوْله " وَمن ذُريَّته " عَائِدٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلُوطٌ
وَإِنْ كَانَ ابْنَ أَخِيهِ إِلَّا أَنَّهُ دَخَلَ فِي الذُّرِّيَّةِ تَغْلِيبًا، وَهَذَا هُوَ الْحَامِلُ لِلْقَائِلِ الْآخَرِ أَنَّ الضَّمِيرَ عَلَى نُوحٍ كَمَا قَدَّمْنَا فِي قصَّته.
وَالله أعلم (2) .