وَهَذَا عَجَبٌ مِنْهُ، كَيْفَ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ؟ فَإِنَّهُ أوردهُ من طَرِيق حُسَيْن بْنِ عَرَفَةَ عَنْ هَانِئِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ بَقِيَّةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَاثِلَةَ عَن ابْن الْأَسْقَعِ، فَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا مُطَوَّلًا.
وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ (1) كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَأَنَّهُ بَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، قَالَا: فَإِذَا هُوَ أَعْلَى جِسْمًا مِنَّا (2) بِذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة، وَاعْتذر بِعَدَمِ قدرته لِئَلَّا تَنْفِرَ الْإِبِلُ.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَا مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ: إِنَّ لِي فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَكْلَةً، وَفِي الْمَائِدَةِ خُبْزٌ وَرُمَّانٌ وَعِنَبٌ وَمَوْزٌ وَرُطَبٌ وَبَقْلٌ، مَا عَدَّا الْكُرَّاثَ.
وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ عَنِ الْخَضِرِ فَقَالَ: عَهْدِي بِهِ عَامَ أَوَّلَ، وَقَالَ لِي: إِنَّكَ سَتَلْقَاهُ قَبْلِي فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَضِرَ وَإِلْيَاسَ، بِتَقْدِيرِ وَجُودِهِمَا وَصِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَجْتَمِعَا بِهِ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَهَذَا لَا يَسُوغُ (3) شَرْعًا.
وَهَذَا مَوْضُوعٌ أَيْضًا.
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ عَسَاكِرَ طرفا فِيمَن اجْتمع إلْيَاس مِنَ الْعُبَّادِ، وَكُلُّهَا لَا يُفْرَحُ بِهَا، لِضَعْفِ إِسْنَادِهَا أَوْ لِجَهَالَةِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ فِيهَا.
وَمِنْ أَحْسَنِهَا مَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِسَوَادِ الْكُوفَةِ، فَدَخَلْتُ حَائِطًا أُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ فَافْتَتَحْتُ: " حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ من الله الْعَزِيز