يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ لَا يَفْتُرُونَ وَلَا يَخْرُجُونَ عَنْ طَاعَتِهِ وَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ عَنِ الْأَمْرِ عَذَّبَهُ وَنَكَّلَ بِهِ " يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب " وَهِي الاماكن الْحَسَنَة وصدور الْمجَالِس " وتماثيل " وَهِيَ الصُّوَرُ فِي الْجُدْرَانِ، وَكَانَ هَذَا سَائِغًا فِي شريعتهم وملتهم " وجفان كالجواب ".
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْجَفْنَةُ
كَالْجَوْبَةِ مِنَ الْأَرْضِ.
وَعَنْهُ كَالْحِيَاضِ.
وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ.
وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ الْجَوَابُ جمع جابية وعى؟ ؟ الْحَوْض الَّذِي يجبى فِيهِ المَاء، قَالَ الاعشى: تروح على آل المحلق جَفْنَة * كجابية الشَّيْخ الْعِرَاقِيِّ تَفْهَقُ (1) وَأَمَّا الْقُدُورُ الرَّاسِيَاتُ فَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَثَافِيُّهَا مِنْهَا، يَعْنِي أَنَّهُنَّ ثَوَابِتُ لَا يَزُلْنَ عَنْ أَمَاكِنِهِنَّ، وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا بِصَدَدِ إِطْعَامِ الطَّعَامِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْخلق من إِنْسَان وحيوان قَالَ تَعَالَى: " اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشكُور " وَقَالَ تَعَالَى: " وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الاصفاد " يَعْنِي أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ سَخَّرَهُ فِي الْبِنَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْمُرُهُ بِالْغَوْصِ فِي الْمَاءِ لاستخراج مَا هُنَالك من الْجَوَاهِر واللآلئ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُوجَدُ إِلَّا هُنَالِكَ.
وَقَوله: " وَآخَرين مُقرنين فِي الاصفاد " أَيْ قَدْ عَصَوْا فَقُيِّدُوا مُقَرَّنِينَ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فِي الاصفاد وَهِي الْقُيُود، وَهَذَا كُله من جملَة مَا هيأه اللَّهُ وَسَخَّرَ لَهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ (2) مِنْ تَمَامِ الْمُلْكِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا لِمَنْ كَانَ قبله.