وَقَعَتِ الْفِتَنُ فِي النَّاسِ، وَتَأَكَّدَ ظُهُورُهَا بِمَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقَدْ قَالَ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سفيان عن عروة ابن قَيْسٍ قَالَ خَطَبَنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بَعَثَنِي إِلَى الشَّامِ فَحِينَ أَلْقَى بَوَانِيَهُ بَثْنِيَّةً وَعَسَلًا أَرَادَ أَنْ يُؤْثِرَ بِهَا غَيْرِي وَيَبْعَثَنِي إِلَى الْهِنْدِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ تَحْتِهِ: اصْبِرْ أَيُّهَا الْأَمِيرُ، فَإِنَّ الْفِتَنَ قَدْ ظَهَرَتْ، فَقَالَ خَالِدٌ: أَمَّا وَابْنُ الْخَطَّابِ حَيٌّ فَلَا، وَإِنَّمَا ذَاكَ بَعْدَهُ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَبْصَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا فَقَالَ: أَجَدِيدٌ ثَوْبُكُ أَمْ غَسِيلٌ؟ قَالَ: بَلْ غَسِيلٌ، قَالَ: الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا، وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَيَرْزُقُكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ «1» .
وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، أَنْكَرَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلًا، قَالَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ الْحَافِظُ:
لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَعْمَرٍ، وَمَا أَحْسَبُهُ بِالصَّحِيحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قُلْتُ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ وَاتِّصَالِهِ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ.
وقد قيل الشيخان، تفرد معمر عن الزهرى فى غير ما حَدِيثٍ، ثُمَّ قَدْ رَوَى الْبَزَّارُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ الْجُعْفِيِّ- وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ عبد الرحمن ابن سَابِطٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ سَوَاءً.
وَقَدْ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُتِلَ شَهِيدًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي الْفَجْرَ فِي مِحْرَابِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، عَلَى صَاحِبِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وقد تقدم حديث أبى ذرفى تَسْبِيحِ الْحَصَا فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عمر ثم عثمان، وقوله عليه السلام: هَذِهِ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ، وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: