اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} آل عمران: 48 - 51 قلنا: هذه معجزات عظيمة , وآيات كريمة , ومرتبة جسيمة , ولنبيّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - مثلها وأعظم , وزاد عليها في الفضل وتمّم , فإن الله تعالى أنزل على محمّد - صلى الله عليه وسلم - كتاباً مصَدِّقاً لما جاء به موسى , ومقرِّراً لما أنزل على عيسى , وشاهداً للنبيّين بالصّدق والنّبوة , ولولا كتابه لما ظهرت (لنا) (1) لنبوتهم قوّة , فكتابه فيه ما في كتبهم وزيادة , ولِصدْقهم فيما ادعوه أكبر شهادة , ونسَخ الله تعالى به من شرائع مَن قبله ماشاء , وأحلّ ما شاء , وحرّم ما شاء , ورفع (فيه) (2) عن أمّته ما كان من الآصار والأغلال على من قبلهم , وجَمع فيه نَبَأ ما كان وما يكون , وجعله يُحفظ ويتلى بخلاف غيره من الكتب المنزلة فإنها كانت تكتب في الصحف ولا تحفظ في الصدور , وتكفّل الله تعالى بحفظ هذا الكتاب بنفسه فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحِجر: 9 , فكتاب محمد - صلى الله عليه وسلم - القرآن أعظم معجزاته , فليس لنبيّ معجزة مثله , وقد تحدّى الله - عز وجل - به الإنس والجن على أن يأتوا بمثله (3) (4) فلم يقدروا , وعلى سورة من مثله فلم يستطيعوا (5) , فهو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد , لاتفنى عجائبه , ولا يَخلقُ على كثرة الرّدّ , فهو معجزة قائمة إلى يوم القيامة , كل نبيّ انقضت معجزته بموته ومعجزة محمّد - صلى الله عليه وسلم - قائمة إلى يوم الدين , شاهدة بمعجزة مَن قبله , ولولا ذلك لم يمكن أحداً من أهل الأديان إقامة دليل على نبوّةٍ ولا معجزة لتبديل الكتب وانقطاع السَّند الصحيح لمن قبل هذه الأمّة , فرسالة محمّد - صلى الله عليه وسلم - كما ذكرها الله تعالى رحمة للعالمين؛ وأما الحكمة فكان ق 28/و كلام محمّد - صلى الله عليه وسلم - كلّه حِكَم حتى ما يفاوض به الأطفال