فرأيته يدخل الخيط في الإبرة وأنه ابن ثمانين سنة وأن عينيه لمبيضتان (1) (2) وهذا إحياء لبعض عضو ميتٍ من جسَدٍ كلّه حَيّ , وهو غاية في عظم المعجز؛ فأما إحياء ميتٍ بجملته فقد روى أبو نعيم في كتابه "دلائل النبوة" بإسناده في إحياء شاة جابر - رضي الله عنه - , فإنه ذبح شاة له ودعا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - والأنصارَ وقدم الطعام , فكان يدخل قوم ويخرج قوم ويأكلون والطعام على هيئته , وكان قال لهم: «كلوا ولاتكسروا عظماً» , ثم إنّ (3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع العِظام في وسط الجفنة فوضع عليها يده وتكلم بكلام لم أفهمه إلا أنّي أرى شفتيه تتحرّك , فإذا الشاة قد قامت تنفُضُ ذَنَبها , فقال لي: «خذ شاتك يا جابر بارك الله لك فيها» , فأخذتها ومضيت , وإنها لتنازعني أذنها حتى أتيت بها البيتَ , فقالت لي المرأة: ما هذا يا جابر؟ قلت: هذه واللهِ شاتُنا التي ذبحناها لرسول - صلى الله عليه وسلم - (فأحْياها لنا , قالت: أنا) (4) أشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , أشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , (أشهد أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (5) (6).
وروى فيه أيضاً عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "دخلنا على رجل من الأنصار وهو مريض , فلم نبرح حتى قضى فبسطنا عليه ثوباً وأمّ له عجوز كبيرة عند رأسه فقلنا: يا هذه احتسبي مصيبتك على الله - عز وجل - , قالت: ومات ابني , قلنا: نعم , قالت: حقّاً تقولون , قلنا: نعم , قال: فمدّت يديها فقالت: اللهم إنك تعلم أنّي أسلمت لك , وهاجرت إلى رسولك , رجاء أن تغيثني عند كلّ شدّة ورخاءٍ , فلا تحمل عليّ هذه المصيبة اليوم , فكشف الثوب عن وجهه , ثم ما برحنا حتّى طعمنا معه" (7).