54 , فجاءه الرسول بذلك فقال (له) (1): {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} يوسف: من الآية 50 , وأراد بذلك أن يتحقق
الملك حقيقةَ الحال , وبراءة ساحته , لئلا يكون بين يديه فيَذكر (2) من شأنه ماوقر في صدره من شيء الحقُّ خلافه , فيشوش قلبَه , فأراد أن يكون بين يديه على أحسن الأحوال وهذه حال حسنة جميلة , ومرتبة جليلة نبيلة , وقول نبينا - صلى الله عليه وسلم -: «لأسرَعت إلى الداعي» أيضاً من أحسن الأحوال , وأكمل الخلال , ولنبينا - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأمور النصيب الأوفى , والكأس الأروى , فأمّا الكرم المذكور ليوسف عليه الصلاة والسلام , فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل من أكرم الناس فقال: «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
... » (3) الحديثَ , وقد ثبت أن نبيّنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - كان أكرم خلق الله على الله , فقد روى التّرمذي من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا أوّل الناس خروجاً إذا بعثوا وأنا خطيبهم إذا وفدوا وأنا مبشّرهم إذا يئسوا وأنا أكرم ولد آدم على ربّي ولا فخر» (4) , وفي رواية: «أنا أكرم الأوّلين والآخرين على الله عزّ وجل ولا فخر» (5) وسنذكر (من ذلك) (6) فيما بعد طرفاً صالحاً بعون الله , ومن كرامته عليه قرن اسمه مع اسمه فلا يُذكر إلا ذُكر معه ق 48/و , وجعل طاعته مقرونة بطاعته