الصحيفة فلمّا فتحوها إذا هي كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فسُقط في أيدي القوم ثم نكسوا على رؤوسهم , فقال أبو طالب هل تبيّن لكم أنكم أولى بالظّلم والقطيعة , فلم يراجعه أحد منهم , ثم انصرفوا (1) , وقد كان اجتماعهم على كتابة الصحيفة وتمالؤهُم بخَيْف (2) بني كنانة وهو المكان المعروف بالمُحَصّب (3) , فلمّا أظهر الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - على قومه ونصره عليهم , بعد أن أخرج مِن مكّة وبذلوا الأجعال والأموال لمن أتاهم به , فسلّمه الله تعالى منهم فلما كان يوم الفتح -فتح مكة- سلّطه الله تعالى عليهم , فقتل من قتل , واستبقى من استبقى , وعفا عمّن (4) عفا , وملّكه الله تعالى أرضهم وديارهم , وأكسبه أموالهم وأولادهم , ثمّ لمّا حجّ قال لأصحابه يوم النحر وهو بمنى: «نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر» يعني بذلك: المحَصَّب (5) , فأراه الله تعالى نفسه والخلق طوع أمره (6) وتحت حكمه , وأزمّة أمور العالم بيده في المكان , وكذلك لمّا منعوه في عُمرة الحديبية أن يَدخل مكة ورجع هو وأصحابه سلّطه الله تعالى عليهم يوم الفتح , ومكّنهم من رقابهم , ودخلها عليهم عنوة , وطاف حول الكعبة وجعل يشير إلى الأصنام التي حولها فتتساقط (7) وهو يقول: «{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} الإسراء: من الآية 81 , {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} سبأ: من الآية 49» (8) , فكان ما أعطاه أعظم مما أعطى يوسف عليه