والله إلا (1) أني مررت يوماً على يساف ونائلة فمسحت يدي على رؤوسهما وقلت: إن قوماً يعبدونكما من دون الله لفي ضلال مبين (2) , فقال جبريل: يا براق أما تستحيي فوالله ما ركبك منذ كنت قط نبيّ أكرم على الله - عز وجل - من محمد - قال: - فارتعش البراق وانصبّ عرقاً حياء مني , ثم خفض لي حتى لزق بالأرض , فركبته واستويت عليه فامرّ بي جبريل - عليه السلام - نحو المسجد الأقصى يخطُو البراقُ مدَّ البصر وجبريل - عليه السلام - إلى جنبي لا يفوتني ولا أفوته , فبينا أنا في مسيري إذ أتاني نداء عن يميني فقال: يا محمد على رسلك اسألك يقولها ثلاثاً فلم أثْوِ عليه فجازوته ق 68/ظ , ثم أتاني نداء عَنْ يساري فقال: يا محمد على رسلك أسألك يقولها ثلاثاً فلم أثو عليه ثم مضيت حتى جاوزته , فإذا أنا بامرأة عجوز رفعتْ لي عليها من كل زينة وبهجة تقول (3): يا محمد إليّ , فلم التفت إليها , فلما جاوزتها قلت: يا جبريل من هذا الذي ناداني عن يميني؟ قال: داعية اليهود والذي نفسي بيده لو أجبته لتهودت أمتك من بعدك , والذي ناداك عن يسارك داعية النصارى , والذي نفسي بيده لو أجبته لتنصرت أمّتك من بعدك , وأما التي رفعت لك بهجتها وزينتها فهي الدنيا لو لوَيتَ عليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة , ثم أُتِيتُ بإناءين: أحدهما لبن والآخر خمر , فقيل لي: اشرب أيّهما شئت , فأخذت اللبن فشربته , فقال جبريل: أصبت الفطرة أنت وأمّتك , أما إنك لو أخذت الخمر لغوت أمتك من بعدك - قال: - ثم سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسار جبريل معه فأتى على قوم يزرَعُون ويحصدون في يوم واحد , كلّما حصدوا عاد كما كان , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تُضاعَف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف , وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين , (قال) (4): ثم أتى على قوم تُرضَخُ رؤوسُهم بالصخر كلّما رضخت عادت كما كانت لا يُفتر عنهم من ذلك شيئاً , قال: ما هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين تثاقل رؤوسُهم عن الصّلاة المكتوبة , ثم