عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن غيره , والروايات التي في حديث الإسراء عن أنس نفسه عند البخاريّ وعند مسلم في بعض ألفاظها مَقالٌ قد تكلموا على الغلط فيها , وتكلف (1) بعض الناس لأصل هذه الرواية أن الإسراء كان مراراً وذلك أيضاً غلط , وكذا (2) من ادّعى أن المعراج كان قبل النبوة ق 78/ظ وإنما كان بعد الرسالة بمكة , ومن فوائده في عرض الخمر واللّبن عليه ليلتئذ , واختياره اللبن , وقول جبريل له أصبت الفطرة , فالفطرة فطرة الإسلام وهي التي فطر الله عليها الناس كما قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ (3)
... النَّاسَ عَلَيْهَا} الروم: من الآية 30 , وتسمية اللبن بالفطرة لمناسَبة وقعت فيه وهي: أنه أول ما يقع في جوف المولود وأول ما يتغذى به فكان بفطوره عليه أولاً مناسباً لتسميته بفطرة الإسلام , وأما الخمر فإنها لما كانت تفسدُ العقل
وتغيّر الفطرة تركَها لأنّها تُغوي كما قال في الحديث: «لو أخذت الخمر لغوت (4) أمتك» , ومنها: فرض الصلاة خمسين أولاً ثم ردت إلى خمسٍ فيه حُجَّة لمن يُجوّز النسخ قبل التمكين من الفعل , فإن الله تعالى فرضها خمسين ثم نسخها إلى خمس قبل أن يُمكنهم من العمل , ومنها: مراجعة موسى دون إبراهيم لأنه كان له شريعة بأحكام التوراة كما قال: {وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ} آل عمران: من الآية 65 ورأى موسى من بني إسرائيل ما أخبر به حيث خبَرهم وجَرَّبهم وعالجهم أشد المعالجة وقد كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام إمام الملة وموسى إمام الشريعة , ومنها: أن في قوله عليه الصلاة والسلام: «فرجعتُ إلى ربي» , وقول موسى: «فارجع إلى ربك» , وقوله: «فلم أزل أتردد بين موسى وبين ربي» حجة قاطعة على إثبات علوّ الربّ سبحانه وتعالى (5) على خلقه وأنه يصعد إليه الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وأن الملائكة تعرج إليه وتنزل