واليمن جميعه في انتآبه (1) , والسلامة في التّمسّك بهديه , والهلاك في مخالفة أمره ونهيه , رسالته عامّة , وإيالته تامّة , ودعوته شاملة , ومرتبته كاملة , وأموره كلّها على النّظام , وشؤونه جميعها على التّمام , أحكامه قاطعة , وسيوف عدله لامعة , وآراؤه صائبة , وآلاؤه دائبة , وقضاياه مسدّدة , وسراياه مؤيّدة , وعساكره منصورة , ومعاقلة معمورة , أخرست فصاحتُه الألسنة , وملأت سماحته الأمكنة , فآياته باهرة , ومعجزاته ظاهرة , أكبر معجزاته القرآن , الذي عجر عن الإتيان ق 90/ظ بسورة من مثله الثَّقلان , ثم مسراه ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى , المتضمِّن من المفاخر ما لا يُعَدُّ ولا يُحصَى , يكفي من الإشارة فيه والذكرى {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} النجم: 18 , سلّمت عليه الأحجار , ولبَّت دعوته الأشجار , وانشقّ له
القمر المنير , ونبع من بين أصابعه الماء النمير (2) , وكلمته الشاة المسمومة ونطق البعير , وسلم عليه الضب والظّبي والذئب المغير , وحنَّ الجذع اليابس إليه , وسبَّح الحصى في كفَّيه , وأطعم الجيش الكثير من الطعام اليسير , وروَّى بالماء القليل الحقير الجمَّ العظيم الغفير , وبَركته في تمر جابر ظاهرة , ومعجزته في سمن أمّ سُليم باهرة , تحرّك الجبل لهيبته , وسَكن بإشارته عن حركته , شكى الجمل السانئ (3) إليه فشكَّاه , ورحم تضرَّعه بين يديه وبكاه , ضَرْعُ الشاة الحائلة بيمن (4) يمينه دَرَّ , والبعير الحاسر (5) ببركته سَرى ومَرَّ , ملأ بقبضةٍ من ترابٍ أعينَ الكفرة , وأشار إلى الأصنام فخرَّت منعفرة , أخبر بالغائبات فوقعت كما قال , وضَرب الحجر الصلد الجلمد فانهال , أراد الكفار قتله فما أطاقوا , وقَصَدوا أذَاهُ فاعتاقوا , وعمدوا إلى غرته فمُنعوا , وبَغى السَّاحرون مضرَّتَه فدُفِعوا , وُقي من شرِّ الإنس والجان , وكُفي معرَّة (6) الهوام والحيوان , رَدَّ عين قتادة