يَا بَنِي الصَيْدَاءِ رُدُّوا فَرَسِي ... إِنَّمَا يُفْعَلُ هذا بالذَّليلْ
عَوِّدُوا مَهْرِي كَمَا عَوَّدْتُهُ ... دَلَجَ اللَّيْلِ وإِبطاءَ القَتيلْ
ورابع الرمل كقول الشاعر:
لاَنَ حَتَّى لَو مَشَى الدُّرُّ ... عليه كادَ يُدْمِيهْ
وأول السريع كقوله:
أَزْمَانَ سَلْمَى لا يَرَى مِثْلَهَا الرَّا ... ؤُونَ في شَأمِ وَلاَ في عِرَاقْ
والخامس من السريع كقوله:
لَمْ تَعُدْ فِي بُؤْسٍ وَلاَ فِي إِقْلاَلْ
والثاني من المنسرح كقوله:
صَبْراً بَنِي عَبْدِ الدَّارْ
والثاني من المتقارب كقوله:
وَيَأوِي إلى نِسْوَةٍ بائِسَاتِ ... وَشُعْتٍ مَرَاضِيْعَ مِثْلَ السَّعَال
أنشده الخليل هكذا، وأنشده سيبويه وشعثا بالنصب وبالإطلاق أيضاً. لم يجعله مقيداً.
فصل: وقد زاد سعيد بن مسعدة في الطويل وزناً رابعاً يجب أن يكون بعد الثاني في قول الخليل لأنه قد سقط منه حرف وحركة. والثاني إنما سقط منه حرف ساكن، وهو الياء من مفاعيلن. وإنما سوغ هذا للأخفش أنه وجد شعوا ينسب إلى امرئ القيس فيه إقواء، فأبى أن يجعل امرئ القيس يقوى، وحمله على ما ذكرت من زيادة ضروب الطويل والشعر:
أَحَنْظَلٌ لَو أَحْسَنْتُمُ وَوَفَيْتُمُ ... لأَثْنَيْتُ خَيراً صَادِقاً وَلأَرْضَانْ
ثِيَابُ بَني عَوْفٍ طَهَارى بَقِيَّةٌ ... وَأَوْجَهَهَمْ بِيْضُ المَسَافِرِ غُرَّانُ
قيل أنه وجد وجد في هذه الأبيات إقواء بالرفع وكذلك رآه في قوله الشاعر:
كأن عَنيفاً مِنْ مَهَارَةِ ثَعْلَبٍ ... بِأَيْدِي الرِّجَالِ الدَّافِيينَ ابن عَتَّابْ
وَفَرَّ ابنُ حَرْبٍ هَارِباً وابْن عَامِرٍ ... وَمَنْ كَانَ يَرْجو أَن تَؤُوب بِلا آبْ
ومثل ذلك قول عمرو بن شأى الأسدي:
وكَأسٍ كَمُسْتَدْمَى الغَزَالِ مَزَجْتُهَا ... لأَبْيَضَ عَصَّاءِ العَوَاذِلِ مِفْضَالْ
كَآدَمَ لَمْ يُؤْثِرْ بِعِرْنينِهِ الشّبا ... وَلا الحَبْلُ يُحْسَاهُ القُرُومُ إذا صالْ
وإذا تجنبت الأقواء بالنصب هذا التجنب دخل في كثرة من الأوزان زيادة.
فصل: ومما يلزمه اللين، كل ضرب نقص عن الضرب الذي قبله بحرف متحرك. فكأنهم جعلوا ما في اللين من المد عوضاً من ذلك الحرف.
وإذا كان حرف اللين واواً أو ياء فاجتناب الفتح قبلها أحسن؛ فيضم ما قبل الواو، ويكسر ما قبل الياء. على أن الفتح قد ورد واستعمل، وقد أباه قوم وقالوا: لا يكون إلا بضم ما قبله. فيلزم اللين على ما تقدم ذكره ثالث الطويل؛ كقوله:
طحا بك قَلْبٌ في الحسَان طَرُبُ ... بُعَيْدَ الشّبَابِ عَصْرَ حان مَشِيْبُ
ضربه فعولن والذي قبله مفاعلن، فوزن فعولن مفاعل ساكنة اللام. فقد سقطت حركة اللام وسقطت النون. فهذا بمنزلة سقوط حرف متحرك. ومن ذلك ثاني البسيط، كقول عبدة بن الطبيب:
هَلْ حَبْلُ خَوْلَةَ بَعْدَ الهَجْرِ مَوْصُولُأَمْ أَنْتَ عَنْهَا بَعيدَ الدَّارِ مَشْغُولُ
فذا الضرب فعلن والذي قبله فاعلن في أصل الدائرة. فزنة فعلن فاعل بسكون اللام، وسقط منه قدر حرف متحرك.
ويلزم اللين ثاني الكامل وتاسعه - وفي التاسع خلاف - وثاني الرجز، وقالت السريع - وفيه خلاف -.
ومما ورد بغير لين قوله:
أَنْزَلَني الدَّهْرُ عَلَى حُكْمِهِ ... مِنْ شَامِخٍ عَالٍ إلى خَفْضِ
وبَزَّنِي الدَّهْرُ ثِيابَ الغِنَى ... فَلَيْسَ لِي مَالٌ سِوى عِرْضِي
وخامس الخفيف، وسادس المتقارب وهو:
تَجَلَّدْ وَلا تَبْتَئِسْ ... فَمَا نَقْص بِآتِيكَا
المد واللين في الوصل
النشيد والترنم
الغرض في اختيارهم حروف المد واللين الموصل ما يتأتى فيها من مد الصوت، وإنه يمكن فيها من ذلك ما لا يمكن في غيرها. وشاركت الهاء حروف المد واللين في الوصل لخفائها، ولأنها تبين بها الحركة كما تبين بالألف، فتقول علية كما تقول أنا ثم يذهبان في الوصل.
قال سعيد بن مسعدة: قد دعا قوما خفاؤها إلى أن قالوا مُرْيُهْ فضموا الباء لتبين الهاء. وإذا وقفوا عليها قالوا: هذا طلحت بالتاء.