قال: " وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ، فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ
ص: 129 يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا، فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا، إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16) " النساء .
ثم نَسَخ الله الحبسَ والأذى في كتابه، فقال: " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ (2) " النور .
فدلت السنة على أن جلد المِائة للزَّانِيَيْنِ البِكْرَيْن.
أخبرنا "عبد الوهاب" عن "يونس بن عُبَيْد" عن "الحَسَن" عن "عُبادَة ابن الصامِت"، أنَّ رسولَ الله قال: " خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً، البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ " (1) .
أخبرنا الثقة من أهل العلم، عن "يونس بن عُبَيْد"
ص: 130 عن "الحسن" عن "حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ" عن "عُبادة بن الصامت"، عن النبي مِثْلَهُ.
ص: 131 قال: فدلّتْ سنةُ رسول الله أنَّ جَلْدَ المائة ثابت على البِكْرين الحُرَّيْن، ومنسوخ عن الثَّيِّبَيْنِ، وأن الرجْمَ ثابِت على الثَّيِّبَيْنِ الحُريْن.
لأنَّ قولَ رسول الله: " خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ
ص: 132 لَهُنَّ سَبِيلاً، البِكْرُ باِلبِكْرِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ "، أوَّلُ ما نَزَلَ، فنُسخ به الحبسُ والأذى عن الزانِيَيْن.
فلَمَّا رجَمَ النبي "ماعِزاً" ولمْ يجْلِده، وأمر "أُنَيْسًا" أن يَغْدُوَ على امرأة "الأسْلَمِي"، فإنْ اعترَفَتْ رَجَمَهَا: دلَّ على نَسْخِ الجَلْد عن الزانيين الحُرَّيْن الثَّيِّبَيْنِ، وثبتَ الرجمُ عليهما، لأن كل شيء أبداً بعد أوَّلٍ فهو آخِرٌ.
ص: 133 فدل كتاب الله، ثم سنة نبيه، على أن الزانيين المَمْلوكَيْن خارِجان من هذا المعنى.