وفي هذا دلالة على ما وصفتُ قبْلَ هذا في (هذا الكتاب) : مِنْ أن رسول الله إذا سَنَّ سنةً فأحدَثَ اللهُ إليه
ص: 184 في تلك السنَّةِ نَسْخَهَا أو مَخْرَجًا إلى سَعَةٍ منها: سنَّ رسولُ الله سنةً تقومُ الحجةُ على الناس بها، حتى يكونوا إنَّمَا صاروا من سُنَّتِهِ إلى سُنَّتِهِ التي بَعْدَهَا.
فنَسَخَ اللهُ تأخير الصلاة عَنْ وَقْتِها في الخوف إلى أنْ يُصَلُّوها - كما أنزل الله وسنَّ رسولُه - في وَقْتها، ونسخ رسول اللهُ سنتَه في تأخيرها بِفَرْض الله في كتابه ثم بِسُنته، صَلاها رسول الله في وقتها كما وصفتُ.
أخبرنا "مالك" عن "نافع" عن "ابن عمر"، أُرَاهُ عن النبي،
ص: 185 فَذَكَرَ صلاةَ الخوف، فقال: " إنْ كَانَ خَوْفٌ أشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالاً وَرُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِي القِبْلِةِ أوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا " (1) .
أخبرنا رجلٌ عن "ابن أبي ذِئْب" عن "الزهري" عن "سالم"، عن أبيه، عن النبي مِثْلَ مَعْناه، ولم يَشُكَّ أنه عن أبيه، وأنه مَرْفوع إلى النبي.
ص: 186 قال: فدلتْ سنةُ رسول الله على ما وصفتُ، مِن أن القِبلة في المكتوبة على فَرْضِها أبَداً، إلا في الموضع الذي لا يُمْكِن فيه الصلاةُ إليها، وذلك عند المُسَابقَةِ والهَرَب وما كان في المعنى الذي لا يُمْكن فيه الصلاة إليها.
وثبتت السنة في هذا، ألاَّ تُتْرَكَ الصلاةُ في وَقْتها، كيف ما أمْكَنَتْ المُصَلِّي.