قال: فإن قال قائل: فقد صنع "أبو سعيد الخدري" كما صنع "عمر"؟
قلنا: والجواب فيه كالجواب في غيره.
ص: 329 قال: فإن قال قائل: فهل مِن أحد صَنَعَ خِلاف ما صَنَعَا؟
قيل: نعم، "ابنُ عمر"، و"ابن عباس"، و"عائشة"، و"الحسن"، و"الحسين"، وغيرهم، وقد سمع "ابن عمر" النهي من النبي.
أخبرنا "ابن عيينة" عن "عمرو بن دينار" قال: رأيت أنا و"عطاء بن أبي رَباحٍ" "ابنَ عمرَ" طاف بعد الصبح، وصلى قبل أن تطلع الشمس.
"سفيان" عن "عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ" عن "أبي شعبة": أنَّ "الحسن" و"الحسين" طافا بعد العصر وصَلَّيَا.
ص: 330 أخبرنا "مسلم" و"عبد المجيد" عن "ابن جريج" عن "ابن أبي مُلَيْكَةَ" قال: رأيتُ "ابن عباس" طاف بعد العصر وصلَّى.
قال: وإنما ذكرْنا تَفَرُّقَ أصحاب رسول الله في هذا ليَسْتَدِلَّ مَن عَلِمَهُ على أنَّ تفرُّقهم فيما لرسول الله فيه سنةٌ: لا يكون إلا على هذا المعنى، أو على أنْ لا تبلغ السنة مَن قال خلافها منهم، أو تأويلٍ تحتمله السنة، أو ما أشبه ذلك، مما قد يرى قائله له فيه عُذْرًا، إن شاء الله.
وإذا ثَبَتَ عن رسول الله الشيءُ فهو اللازم لجميع مَنْ عَرَفَهُ، لا يُقَوِّيه ولا يُوهِنُه شيءٌ غيره، بل الفرْضُ الذي على الناس اتِّباعه، ولم يجعل اللهُ لِأَحَدٍ معه أمْرًا يخالف أمْرَهُ.