أخبرنا "مالك" عن "نافع" عن "ابن عمر": " أَنَّ رَسُولَ اللهِ نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ. والمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً " (1) .
أخبرنا "مالك" عن "عبد الله بن يزيد" مولى "الأسود
ص: 332 بن سفيان" أنَّ "زيْدًا أبا عيَّاشٍ" أخبره عن "سعد بن أبي وقاص": " أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ سُئِلَ عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ قاَلُوا: نَعَمْ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ " (2) .
ص: 333 أخبرنا "مالك" عن "نافع" عن "ابن عمر" عن "زيد بن ثابت": أنَّ رَسُولَ اللهِ رَخَّصَ لِصَاحِبِ العَرِيَّةِ أنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا " (3) .
أخبرنا "ابن عيينة" عن "الزهري" عن "سالم" عن أبيه عن "زيد بن ثابت": " أنَّ النَّبِيَّ رَخَّصَ فِي العَرَايَا " (4) .
ص: 334 قال "الشافعي": فكان بيع الرُّطَبِ بالتَّمْرِ مَنْهِيًّا عنه، لنهي النبي، وبَيَّنَ رسولُ الله أنه إنما نهى عنه لأنه ينقص إذا يَبِسَ، وقد نهى عن التمر بالتمر إلاَّ مثلاً بمثل، فلَمَّا نظَرَ في المُتَعَقَّبِ مِن نُقْصان الرطب إذا يبس، كان لا يكون أبداً مثْلاً بمثل، إذْ كان النُّقْصَانُ مُغَيَّبًا لا يُعْرَفُ، فكان يجمع معنيين: أحدهما التَّفاضُل في المَكِيلَة؛ والآخر المُزَابَنَة، وهي بيع ما يُعْرف كيْلُه بما يُجْهل كيْله مِنْ جنسه، فكان مَنْهِيًّا لمعنيين
فَلَمَّا رخَّصَ رُسولُ الله في بيع العَرَايَا بالتمر كيْلاً لم تعْدُوا العرايا أن تكون رخصة مِن شيء نُهِيَ عنه، أو لم يكن النهي عنه: عن المزابنة والرطب بالتمر: إلاَّ مَقْصُوداً بهما إلى غير
ص: 335 العرايا، فيكونَ هذا مِن الكلام العام الذي يراد به الخاصُّ.