وقضى رسول الله بالدية في الحر المسلم يُقتل خطأ مائة من الإبل، وقضى بها على العاقلة.
وكان العمد يخالف الخطأ في القَوَد والمأثَم، ويوافقه في أنه قد تكون فيه دية.
فلما كان قضاء رسول الله في كل امرئ فيما لزمه، إنما هو في ماله دون مال غيره، إلا في الحر يُقتل خطأ: قضينا على العاقلة في الحر يُقتل خطأ ما قضى به رسول الله، وجعلنا الحر يُقتل عمدا إذا كانت فيه دية: في مال الجاني، كما كان كل ما جنى في ماله غيرَ الخطأ، ولم نقس ما لزمه من غُرْم بغير جراح خطأٍ على ما لزمه بقتل الخطأ.
فإن قال قائل: ما الذي يَغرم الرجلُ من جنايته، وما لَزِمَه غيرُ الخطأ؟
ص: 550 قلت: قال الله: {وآتوا النساءَ صَدُقَاتهنَّ نِحْلةً} النساء 4
وقال: {وأقيموا الصلاةَ وآتوا الزكاةَ} البقرة 43
وقال: {فإن أُحْصِرتم فما استيسرَ من الهَدْي} البقرة 196
وقال: {والذين يُظاهرون من نسائهم، ثم يعودون لما قالوا، فتحريرُ رَقَبَةٍ من قبل أن يَتَمَاسّا} المجادلة 3
وقال: {ومَن قَتَلَه منكم مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثلُ ما قتل من النَّعَم يحكُمُ به ذَوَا عدْلٍ منكم هَدْياً بالغَ الكعبةِ، أو كفَّارةٌ طعامُ مساكين، أو عَدْلُ ذلك صياماً ليذوقَ وبالَ أمرِه، عفا الله عما سَلَفَ، ومَن عاد فينتقمُ الله منه، والله عزيز ذو انتقام} المائدة 95
ص: 551 وقال: {فكفَّارتُه إطعامُ عَشَرَةِ مساكينَ من أوسط ما تُطعمون أهليكم، أو كِسوتهم أو تحريرُ رقبة، فمن لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيام} المائدة 89