خِلَافِ١ مَا وَقَعَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا تُعُبِّد الْعِبَادُ بِهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْعِبَادَاتُ الْمُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ بِالْأَصَالَةِ، وَذَلِكَ الْإِيمَانُ وَتَوَابِعُهُ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ.
وَالثَّانِي: الْعَادَاتُ الْجَارِيَةُ بَيْنَ الْعِبَادِ الَّتِي فِي الْتِزَامِهَا نَشْرُ الْمَصَالِحِ بِإِطْلَاقٍ، وَفِي مُخَالَفَتِهَا نَشْرُ الْمَفَاسِدِ بِإِطْلَاقٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْرُوعُ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَنْهُمْ، وَهُوَ الْقِسْمُ الدُّنْيَوِيُّ الْمَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَالْأَوَّلُ هُوَ حَقُّ اللَّهِ مِنَ الْعِبَادِ فِي الدُّنْيَا، وَالْمَشْرُوعُ لِمَصَالِحِهِمْ فِي الْآخِرَةِ وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ عَنْهُمْ.
فَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْحَظُّ الْمَطْلُوبُ ٢ دُنْيَوِيًّا أَوْ أُخْرَوِيًّا.
فَإِنْ كَانَ أُخْرَوِيًّا، فَهَذَا حَظٌّ قَدْ أَثْبَتَهُ الشَّرْعُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا ثَبَتَ شَرْعًا، فَطَلَبُهُ مِنْ حَيْثُ أَثْبَتَهُ صَحِيحٌ؛ إِذْ لَمْ يتعدَّ مَا حَدَّهُ الشَّارِعُ، وَلَا أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ غَيْرَهُ، وَلَا قَصَدَ مُخَالَفَتَهُ؛ إِذْ قَدْ فُهِمَ مِنَ الشَّارِعِ حِينَ رَتَّبَ عَلَى الْأَعْمَالِ جَزَاءً أَنَّهُ قَاصِدٌ لِوُقُوعِ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ، فَصَارَ الْعَامِلُ لِيَقَعَ لَهُ الْجَزَاءُ عَامِلًا لِلَّهِ وَحْدَهُ عَلَى مُقْتَضَى الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وَذَلِكَ غير قادح في
١ لم يقل: "سقط كونه متعبدا بها" مع أن هذا هو محل الإشكال على أصل المسألة، بل قال كلاما مجملا عاما يمكن حمله على أنه لم يكن الإخلاص تاما، وهو الذي يصح أن يكون نتيجة لقوله: "وأيضا إلى هنا"، ويصح أن يحمل على الاستدلال على ما قاله من الإشكال، وهو أن جهة التعبد ساقطة وملغاة لمشاركة الحظ لها، وهذا هو الذي دلل عليه قبل قوله: "وأيضا"، واستنتج فيه قوله: "فالعامل لحظه مسقط لجانب التعبد"، ولو اقتصر عليه كان أولى؛ لأن ما بعده زائد عن الغرض. "د". وفي "ط": "فالعامل ملتفتا إلى ... ".
٢ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ونسخة "ماء/ ص١٩٣".