الْمَطْلُوبُ الشَّرْعِيُّ ضَرْبَانِ:
مَا كان من قبيل العادات الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْخَلْقِ، فِي الِاكْتِسَابَاتِ وَسَائِرِ الْمُحَاوَلَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ، الَّتِي هِيَ طُرُقُ الْحُظُوظِ الْعَاجِلَةِ، كَالْعُقُودِ عَلَى اخْتِلَافِهَا، وَالتَّصَارِيفِ الْمَالِيَّةِ عَلَى تَنَوُّعِهَا.
مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْعِبَادَاتِ اللَّازِمَةِ لِلْمُكَلَّفِ، مِنْ جِهَةِ تَوَجُّهِهِ إِلَى الْوَاحِدِ الْمَعْبُودِ.
فَالنِّيَابَةُ فِيهِ صَحِيحَةٌ١، فَيَقُومُ فِيهَا الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَنُوبُ مَنَابَهُ٢ فِيمَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْهَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ مَنَابَهُ فِي اسْتِجْلَابِ الْمَصَالِحِ لَهُ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَنْهُ، بِالْإِعَانَةِ وَالْوِكَالَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي يَطْلُبُ بِهَا الْمُكَلَّفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ صَالِحَةٌ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا سِوَاهُ، كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارَةِ٣، وَالْخِدْمَةِ، وَالْقَبْضِ، وَالدَّفْعِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا لِحِكْمَةٍ لَا تَتَعَدَّى الْمُكَلَّفَ عَادَةً أَوْ شَرْعًا، كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَاللُّبْسِ، وَالسُّكْنَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَاتُ، وَكَالنِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ التَّابِعَةِ لَهُ مِنْ وُجُوهِ الِاسْتِمْتَاعِ الَّتِي لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهَا شَرْعًا، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مَفْرُوغٌ مِنَ النَّظَرِ فِيهِ؛ لِأَنَّ حِكْمَتَهُ لَا تَتَعَدَّى صَاحِبَهَا إِلَى غَيْرِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ وُجُوهُ الْعُقُوبَاتِ وَالِازْدِجَارِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّجْرِ لَا يَتَعَدَّى صَاحِبَ الْجِنَايَةِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رَاجِعًا إِلَى الْمَالِ، فَإِنَّ النِّيَابَةَ فِيهِ تَصِحُّ، فَإِنْ كان دائرا بين الأمر المالي
١ في نسخة "ماء/ ص ١٩٦": "تصح".
٢ في الأصل: "ويقوم مقامه".
٣ في الأصل و"خ" و"ماء/ ص١٩٧": "والاستجارة".