- وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اطَّلع عَلَى ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ١ وَمِنْ عُمَرَ٢ وَلَمْ يطَّلِع عُمَرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ.
- وَمِنْهَا: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كان آمنا من نزعات الشَّيْطَانِ وَإِنْ قَرُبَ مِنْهُ، وَعُمَرُ لَمْ يَكُنْ آمِنًا وَإِنْ بعُد عَنْهُ.
وَأَمَّا مَنَقَبَةُ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَرِدْ مَا يُعَارِضُهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ نَقُولُ: هُوَ أَوْلَى بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا عَنْ نَفْسِهِ؛ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهَا عَدُمُهَا.
وَأَيْضًا، فَإِنَّ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ لِخَاصِّيَّةٍ كَانَتْ فِيهِ وَهَى شِدَّةُ حَيَائِهِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً، وَأَشَدَّ٣ حياء من العذارء فِي خِدْرِهَا٤، فَإِذَا كَانَ الْحَيَاءُ أَصْلَهَا، فَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ الَّذِي حَوَاهُ عَلَى الْكَمَالِ.
وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ يَجْرِي الْقَوْلُ فِي أُسَيْدٍ وَصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ الْإِضَاءَةُ حَتَّى يُمْكِنَ الْمَشْيُ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا بِلَا كُلْفَةٍ، وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَكُنِ الظَّلَامُ يَحْجُبُ بَصَرَهُ، بَلْ كَانَ يَرَى فِي الظُّلْمَةِ كَمَا يَرَى فِي الضَّوْءِ٥، بَلْ كَانَ لَا يَحْجُبُ بَصَرَهُ مَا هُوَ أَكْثَفُ مِنْ حِجَابِ الظلمة، فكان يرى
١، ٢ أي: في شأنه صلى الله عليه وسلم وفي شأن عمر. "د".
٣ في "ط": "أو أشد".
٤ أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب المناقب، صفة النبي صلى الله عليه وسلم ٦/ ٥٦٦/ رقم ٣٥٦٢، وكتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب ١٠/ ٥١٣/ رقم ٦١٠٢، وباب الحياء ١٠/ ٥٢١/ رقم ٦١١٩"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم ٤/ ١٨٠٩/ رقم ٢٣٢٠" عن أبي سعيد الخدري مرفوعا.
٥ أخرج تمام في "الفوائد" "رقم ١٤٣٠- تربيته"، وابن عدي في "الكامل" "٤/ ١٥٣٤" -ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" "٦/ ٧٤-٧٥"، وابن الجوزي في "الواهيات" "١/ ١١٨/ رقم ٢٦٦"، والخطيب في تاريخ بغداد" "٤/ ٢٧١-٢٧٢"، ومكي المؤذن في "حديثه" "١/ ٢٣٦"، والضياء المقدسي في "المنتقى من حديث أبي علي الأوقي" "١/ ٢"-كما في "السلسلة الضعيفة" "رقم ٣٤١"- من طريق زهير بن عباد الرواسي عن عبد الله بن المغيرة عن المعلي بن هلال =