فِي بَعْضِ مَا أَنْكَرَ فِيهِ مِمَّا كَانَ اشْتَرَاهُ، فَقَالَ: "مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ "، حَتَّى شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، فَجَعَلَهَا اللَّهُ شَهَادَتَيْنِ١، فَمَا ظَنُّكَ بِآحَادِ الْأُمَّةِ؟ فَلَوِ ادَّعَى أَكْفَرُ٢ النَّاسِ عَلَى أَصْلَحِ النَّاسِ لَكَانَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ، وَالنَّمَطُ وَاحِدٌ، فَالِاعْتِبَارَاتُ الْغَيْبِيَّةُ مُهْمَلَةٌ بِحَسَبِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الشَّرْعِيَّةِ، وَمِنْ هُنَا لَمْ يَعْبَأِ النَّاسُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ بِكُلِّ كَشْفٍ أَوْ خِطَابٍ خَالَفَ الْمَشْرُوعَ، بَلْ عدُّوا أَنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَقَضَايَا الْأَحْوَالِ الْمَنْقُولَةِ عَنِ الْأَوْلِيَاءِ مُحْتَمَلَةٌ٣.
وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَكْلِيمِ الشَّجَرَةِ، فَلَيْسَ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ، بِحَيْثُ يَكُونُ تَنَاوُلُ التِّينِ مِنْهَا حَرَامًا عَلَى الْمُكَلَّمِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ فِي الْفَلَاةِ صَيْدًا، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي مَمْلُوكٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ تَرَكَهُ لِغِنَاهُ عَنْهُ بِغَيْرِهِ مِنْ يَقِينٍ بِاللَّهِ، أَوْ ظَنِّ طَعَامٍ بِمَوْضِعٍ آخَرَ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا فِي هَذَا الْبَابِ، أَوْ نَقُولُ: كَانَ الْمُتَنَاوَلُ مُبَاحًا لَهُ، فَتَرَكَهُ لِهَذِهِ الْعَلَامَةِ كَمَا يَتْرُكُ الْإِنْسَانُ أَحَدَ الْجَائِزَيْنِ لِمَشُورَةٍ أَوْ رؤيا أو غير
١ أخرجه أبو داود في "السنن" "كتاب الأقضية، باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز أن يحكم به ٣/ ٣٠٨/ رقم ٣٦٠٧"، والنسائي في "المجتبى" "كتاب البيوع، باب التسهيل في ترك الإشهاد على البيع ٧/ ٣٠١-٣٠٢"، وأحمد في "المسند" "٥/ ٢١٥-٢١٦"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "٤/ ١١٥، ١١٦/ رقم ٢٠٨٤، ٢٠٨٥"، والبخاري في "التاريخ الكبير" "١/ ٨٧"، والطبراني في "الكبير" "٤/ ١٠١/ رقم ٣٧٣٠"، والحاكم في "المستدرك" "٢/ ١٧-١٨"، وإسناده صحيح.
وكتب "خ" هنا ما نصه: "خص الله خزيمة بهذه المزية دون سائر الصحابة؛ مكافأة له؛ حيث بادر إلى الشهادة للنبي عليه الصلاة والسلام على مبايعة الأعرابي مستندا في تصديقه إلى البراهين القائمة على عصمته من أن يقول على الله أو يدعي على مخلوق ما ليس بحق".
٢ كذا في الأصل وفي "د"، وفي النسخ المطبوعة: "أكبر" بالباء. قال "د": "لعلها أكذب".
٣ أي: لما يأتي بعدُ. "د".