فَإِذَا وَرَدَتْ عَلَى صَاحِبِهَا، فَلَا حُكْمَ فِيهَا لِلشَّرْعِ وَإِنْ فَرَضْنَا أَنَّهَا غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لَهُ، كَوُرُودِ الْآلَامِ وَالْأَوْجَاعِ عَلَى الْإِنْسَانِ بَغْتَةً، أَوْ وُرُودِ الْأَفْرَاحِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اكْتِسَابٍ، فَكَمَا لَا تُوصَفُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ شَرْعًا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا، بَلْ أَشْبَهُ شَيْءٌ بِهَا الْإِغْمَاءُ أَوِ الْجُنُونُ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، فَلَا حُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِنْ فَرَضْنَا لُحُوقَ الضَّرَرِ بِهِ عَلَى الْغَيْرِ، كَمَا إِذَا أَتْلَفَ الْمَجْنُونُ مَالًا، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا، أَوْ شَرِبَ خَمْرًا فِي حَالِ جُنُونِهِ، أَلَا تَرَى مَا يُحْكَى عَنْ جُمْلَةٍ مِنْهُمْ فِي اسْتِغْرَاقِهِمْ فِي الْأَحْوَالِ حَتَّى تَمْضِيَ عَلَيْهِمْ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ١، وَيَقَعُ مِنْهُمُ الْوَعْدُ فَيُؤْخَذُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فِي الْمُكَاشَفَاتِ وَالْمُنَازَلَاتِ، فَلَا يَفُونَ، وَيُكَاشِفُونَ بِأَحْوَالِ الْخَلْقِ بِحَيْثُ يَطَّلِعُونَ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ٢ إِلَى مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ إِذَا كَانَ وَاقِعًا مِنْهُمْ وَمَنْقُولًا عَنْهُمْ، وَهُوَ دَاخِلٌ عَلَيْهِمْ شَاءُوا أَمْ أَبَوْا، فَكَيْفَ يُنْكَرُ فِي نَفْسِهِ أَوْ يُعَدُّ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ؟
وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ كَافٍ فِي إِثْبَاتِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَا اعْتُرِضَ بِهِ لَا اعْتِرَاضَ بِهِ، فَإِنَّ الْخَوَارِقَ وَإِنْ كَانَتْ لَا قُدْرَةَ لِلْإِنْسَانِ فِي كَسْبِهَا وَلَا دَفْعِهَا، فَلِقُدْرَتِهِ تَعَلُّقٌ بِأَسْبَابِ هَذِهِ الْمُسَبَّبَاتِ٣. وَقَدْ مر أن الأسباب هي التي خوطب
١ ما كان لأهل العلم أن يأخذوا مثل هذه الدعوى مسلمة، ويثقوا بأن تكون الغفلة عن بعض الواجبات الشرعية ناشئة عن حال هي أثر من آثار الارتقاء في مقام التقوى والولاية، ويكفي للتوقف في صحتها أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة الذين هم أصفى الناس بصائر، وأشدهم صلة بالله، وأرفعهم لديه منزلة، أنه استغرق في حال من المكاشفات يقظة حتى مضى عليه وقت من أوقات الصلاة. "خ".
٢ وهو محرم بحسب الشريعة، لكنهم مقهورون عليه ليس لهم فيه اختيار. "د".
٣ ليس هذا على إطلاقه، نعم، عدم تعرض المصنف للذي ليس له تعلق بقدرة المكلف حسن، فقد نقل المقري شيخ المصنف في كتابه "القواعد" "٢/ ٤٦٥-٤٦٦" في "القاعدة الثالثة =