Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
تَعَاطَيَا السَّبَبَ عَلَى كَمَالِهِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ إِيقَاعِ مُسَبَّبهِ وَهُوَ الْحَدُّ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى مِمَّا عُمِلَ فِيهِ بِالسَّبَبِ لَكِنَّهُ أَعْقَمَ، وَأَمَّا الْإِثْمُ؛ فَعَلَى وَفْقِ ذَلِكَ، وَهَلْ يَكُونُ فِي الْإِثْمِ مُسَاوِيًا لِمَنْ أَنْتَجَ سَبَبُهُ أَمْ لَا؟ هَذَا نَظَرٌ آخَرُ، لَا حاجة إلى ذكره ههنا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ أَوِ التَّرْكُ مُوَافِقًا إِلَّا أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْمُوَافَقَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَصْدُهُ الْمُخَالَفَةُ، وَمِثَالُهُ أَنْ يُصَلِّيَ رِيَاءً لِيَنَالَ دُنْيَا أَوْ تَعْظِيمًا عِنْدَ النَّاسِ، أَوْ لِيَدْرَأَ عَنْ نَفْسِهِ الْقَتْلَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَهَذَا الْقِسْمُ أَشَدُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْعَامِلَ قَدْ جَعَلَ الْمَوْضُوعَاتِ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي جُعِلَتْ مقاصد، وسائل لأمور أخرى لَمْ يَقْصِدِ الشَّارِعُ جَعْلَهَا لَهَا؛ فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ النِّفَاقُ وَالرِّيَاءُ وَالْحِيَلُ عَلَى أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مُخَالِفٌ لِقَصْدِ الشَّارِعِ عَيْنًا؛ فَلَا يَصِحُّ جُمْلَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} النِّسَاءِ: ١٤٥ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ١ بَيَانُ هَذَا الْمَعْنَى.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ أَوِ التَّرْكُ مُخَالِفًا وَالْقَصْدُ مُوَافِقًا؛ فَهُوَ أَيْضًا ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمُخَالَفَةِ.
وَالْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَهْلِ بِذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمُخَالَفَةِ٢؛ فَهَذَا هُوَ الِابْتِدَاعُ، كَإِنْشَاءِ العبادات
١ في المسألة الأولى.
٢ أي: فيكون الفعل مخالفا في الواقع لما شرعه الشارع، وهو يعلم أنه لم يشرعه، ولكنه يقصد به الطاعة والعبادة، متأولا غالبا أن هذا الفعل يعد طاعة؛ فهذا هو معنى مخالفة الفعل -أي في الواقع- وموافقة القصد -أي لما يزعمه- طاعة وعبادة، وإن كان يعلم أنه لم يرد في الشرع جعله عبادة؛ فلا يقال: إن هذا القسم الأول من قسمي الرابع لا يتصور حصوله من العاقل لأنه كيف يعلم أنه مخالف ويقصد به الموافقة لقصد الشارع؟ فمحصل هذا الضرب أن الفعل موافق في زعمه، وإن لم يكن جهلا صرفا كالضرب الثاني. "د".