مِنَ الْعَادَاتِ؛ كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْأَطْعِمَةِ، وَالْأَشْرِبَةِ، وَغَيْرِهَا.
وَلَا يُقَالُ: إِنَّ هَذَا يَنْكَسِرُ فِي الْأُمُورِ الْمَالِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا تُضَمَّنُ فِي الْجَهْلِ وَالْعَمْدِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: الْحُكْمُ فِي التَّضْمِينِ فِي الْأَمْوَالِ آخَرُ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِيهَا مساوٍ لِلْعَمْدِ فِي تَرَتُّبِ الْغُرْمِ فِي إِتْلَافِهَا.
وَالثَّالِثُ:
الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى رَفْعِ الْخَطَأِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ فَفِي الْكِتَابِ: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} الْأَحْزَابِ: ٥ .
وَقَالَ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الْبَقَرَةِ: ٢٦٨ .
وَفِي الْحَدِيثِ: "قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ" ١.
وَقَالَ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} الْبَقَرَةِ: ٢٨٦ .
وَفِي الْحَدِيثِ: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" ٢. وَهُوَ مَعْنًى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ لا مخالف فيه، وإن اختلفوا فيما يتعلق٣ بِهِ رَفْعُ الْمُؤَاخَذَةِ، هَلْ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْمُؤَاخَذَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ خَاصَّةً أَمْ لَا؛ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا٤ أَيْضًا أَنَّ رَفْعَ الْمُؤَاخَذَةِ بِإِطْلَاقٍ لَا يَصِحُّ، فَإِذَا كان كذلك؛ ظهر أن كل
١ أخرجه مسلم في "الصحيح" "كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، ١/ ١١٦/ رقم ١٢٦" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ومضى "٢/ ٢١٠".
٢ مضى تخريجه "١/ ٢٣٦"، وكتب "خ" ما نصه: "قال الإمام أحمد: من زعم أن الخطأ مرفوع؛ فقد خالف الكتاب، فإن الله أوجب في قتل الخطأ الكفارة، والجواب عن هذا أن المراد من الحديث رفع المؤاخذة بالخطأ في الآخرة دون الحقوق الواقعة بين الناس".
٣ كذا في "ط"، وفي غيره: "تعلق".
٤ أي: بل أجمعوا على أنه لا بد من نوع من المؤاخذة، وهو مع اتفاقهم على رفع المؤاخذة في الجملة يدل على اعتبار الطرفين. "د".
قلت: هذه المسألة هي المسماة "عموم المقتضى"، ونشأ عنه خلاف في كثير من المسائل، انظر: "أصول السرخسي" "٢/ ٢٥١-٢٥٢"، و"الإزميري على المرآة" "٢/ ٧٥-٧٦"، و"تسهيل الوصول" "ص١٠٦"، و"إبراز الحِكَم" للسبكي، و"المناهج الأصولية" "ص٣٧٩ وما بعدها".