ابن مَالِكٍ إِلَى الثُّلُثِ١، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: "لِقُصُورِهِمَا عَنْ دَرَجَتَيْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ". هَذَا مَا قَالَ.
وَتَحَصَّلَ أَنَّ الْإِيثَارَ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى إِسْقَاطِ الْحُظُوظِ الْعَاجِلَةِ، فَتَحَمُّلُ الْمَضَرَّةِ اللَّاحِقَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَا عَتْبَ فِيهِ إِذَا لَمْ يُخِلَّ بِمَقْصِدٍ شَرْعِيٍّ، فَإِنْ أَخَلَّ بِمَقْصِدٍ شَرْعِيٍّ؛ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ إِسْقَاطًا لِلْحَظِّ، وَلَا هُوَ مَحْمُودٌ شرعا، أما أنه ليس
= "١/ ٣٩٤/ رقم ٢٧٠"، والدارمي في "السنن" "١/ ٣٩١" بإسناد صحيح عن عمر؛ قال: أمرنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي؛ فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أبقيت لأهلك؟ ". قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده؛ فقال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أبقيت لأهلك؟ ". قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائده على فضائل الصحابة" "رقم ٥٢٧" من طريق آخر ضعيف.
٦ حديث أبي لبابة بن عبد المنذر حين تاب الله عليه أراد أن يتصدق بجميع ماله؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجزيك من ذلك الثلث"، أخرجه مالك في "الموطأ" "٢/ ٤٨١"، وأبو داود في "السنن" "كتاب الإيمان والنذور، باب فيمن نذر أن يتصدق بماله. ٣/ ٦١٣/ رقم ٣٣٢٠"، وأحمد في "المسند" "٣/ ٤٥٢-٤٥٣"، والدارمي في "السنن" "١/ ٣٩١"، وهو صحيح.
١ ورد ذلك في قصة توبة كعب بن مالك؛ فإنه قال: "قلت: يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك بعض مالك؛ فهو خير لك". قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر".
أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك، ٨/ ١١٣-١١٦/ رقم ٤٤١٨"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، ٤/ ٢١٢٠/ رقم ٢٧٦٩".
فالثابت قوله صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك بعض مالك" من غير تحديد بالثلث، وقول كعب: "أمسك سهمي الذي بخيبر" لا نعلم هل هو بقدر ثلث ماله أو أكثر من ذلك أو أقل، قاله ابن العربي في "أحكامه" "٢/ ١٠١٠".