الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ ١:
التَّحَيُّلُ بِوَجْهٍ سَائِغٍ مَشْرُوعٍ فِي الظَّاهِرِ أَوْ غَيْرِ سَائِغٍ عَلَى إِسْقَاطِ حُكْمِ أَوْ قَلْبِهِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ، بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ أَوْ لَا يَنْقَلِبُ إِلَّا مَعَ تِلْكَ الْوَاسِطَةِ، فَتُفْعَلُ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إِلَى ذَلِكَ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ، مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهَا لَمْ تُشْرَعْ لَهُ؛ فَكَأَنَّ التَّحَيُّلَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: قَلْبُ أَحْكَامِ الْأَفْعَالِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ.
وَالْأُخْرَى: جَعْلُ الْأَفْعَالِ الْمَقْصُودِ بِهَا فِي الشَّرْعِ مَعَانٍ وَسَائِلَ إِلَى قَلْبِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ؛ هَلْ٢ يَصِحُّ شَرْعًا الْقَصْدُ إِلَيْهِ وَالْعَمَلُ عَلَى وَفْقِهِ أَمْ لَا؟
وَهُوَ٣ مَحَلٌّ يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ، وَقَبْلَ النَّظَرِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ عَدَمِهَا٤ لَا بُدَّ مِنْ شَرْحِ هَذَا الِاحْتِيَالِ.
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ أَشْيَاءَ وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ؛ إِمَّا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ وَلَا تَرْتِيبٍ عَلَى سَبَبٍ؛ كَمَا أَوْجَبَ الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْحَجَّ وأشباه ذلك،
١ فصل شيخ الإسلام ابن تيمية الكلام على الحيل في كتابه "إقامة الدليل على إبطال التحليل" وهو في "الفتاوى الكبرى" "٣/ ٩٨-٢٨٥"، وكذا تلميذه ابن القيم في المجلد الثالث من "إعلام الموقعين" والمجلد الرابع إلى صفحة "٦٣" منه.
وانظر: "مقاصد الشرعية الإسلامية" "ص١١٥ وما بعدها" لابن عاشور، و"الحيل" لأبي حاتم القزويني، نشر شاخت، و"الحيل الفقهية في المعاملات المالية" محمد بن إبراهيم، ولا سيما "ص٢١ وما بعدها"، و"كشف النقاب عن موقع الحيل من السنة والكتاب" لمحمد عبد الوهاب البحيري، نشر سنة "١٩٧٤م"، و"الحيل المحظور منها والمشروع" لعبد السلام ذهني، نشر سنة "١٩٤٦م".
٢ الجملة الاستفهامية خبر عن قوله: "التحيل بوجه ... إلخ". "د".
٣ في نسخة "ماء/ ص٢٤٠" و"ط": "هو".
٤ في "ط": "وعدمها".