بِأَنْ يُطَلِّقَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تُشَارِفَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، ثُمَّ يَرْتَجِعَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا حَتَّى تُشَارِفَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، وَهَكَذَا لَا يَرْتَجِعُهَا لِغَرَضٍ لَهُ فِيهَا سِوَى الْإِضْرَارِ بِهَا.
وَقَدْ جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا ... } إِلَى قَوْلِهِ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} الْبَقَرَةِ: ٢٢٨ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِلَى غَيْرِ عَدَدٍ؛ فَكَانَ الرَّجُلُ يَرْتَجِعُ الْمَرْأَةَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا، ثُمَّ يَرْتَجِعُهَا كَذَلِكَ قَصْدًا؛ فَنَزَلَتِ١: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} الْبَقَرَةِ: ٢٢٩ ، وَنَزَلَ مَعَ ذَلِكَ: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} الآية البقرة: ٢٢٩ فِيمَنْ كَانَ يُضَارُّ الْمَرْأَةَ حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا حِيَلٌ عَلَى بُلُوغِ غَرَضٍ٢ لَمْ يُشْرَعْ ذَلِكَ الْحُكْمُ لِأَجْلِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} النِّسَاءِ: ١٢ ، يَعْنِي بِالْوَرَثَةِ بِأَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ يُوصِيَ لِوَارِثٍ احْتِيَالًا عَلَى حِرْمَانِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا ٣ أَنْ يَكْبَرُوا} النساء: ٦ .
وقوله: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} الآية النساء: ١٩ .
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا المعنى.
١ نحوه في "سنن أبي داود" "كتاب الطلاق، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، ٢/ ٢٥٩/ رقم ٢١٩٥"، و"تفسير ابن جرير" "٤/ ٥٣٩"، وهو صحيح.
وانظر: "تفسير الثوري" "ص٦٧"، و"تفسير ابن كثير" "١/ ٢٧٢"، و"أحكام القرآن" "١/ ١٨٩"، و"فتح القدير" "١/ ٢٣٩"، و"الدر المنثور" "١/ ٢٧٨".
٢ أي: من إِسْقَاطِ حُكْمِ أَوْ قَلْبِهِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ بفعل سائغ أو غير سائغ. "د".
٣ أي: بناء على أنهما مفعولان لأجله. "د".