وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي النَّهْيِ عَنْ جُمْلَةٍ١ مِنَ الْبُيُوعِ وَالرِّبَا وَغَيْرِهِ، مِنْ حَيْثُ هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} الْبَقَرَةِ: ٢٧٥ .
وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} الْآيَةَ الْبَقَرَةِ: ١٨٨ .
إِلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الْبَيَانَاتِ الْمَنْقُولَةِ بِالْآحَادِ أَوِ التَّوَاتُرِ٢؛ إِلَّا أَنَّ دَلَالَتَهَا ظَنِّيَّةٌ.
وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" ٣؛ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ أَصْلٍ قَطْعِيٍّ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَإِنَّ الضَّرَرَ وَالضِّرَارَ مَبْثُوثٌ مَنْعُهُ فِي الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا، فِي وَقَائِعَ جُزْئِيَّاتٍ٤، وَقَوَاعِدَ كُلِّيَّاتٍ٥؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} الْبَقَرَةِ: ٢٣١ .
{وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} الطَّلَاقِ: ٦ .
{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} الآية الْبَقَرَةِ: ٢٣٣ .
وَمِنْهُ النَّهْيُ عَنِ التَّعَدِّي عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ، وَعَنِ الْغَصْبِ وَالظُّلْمِ، وَكُلِّ مَا هو في المعنى إضرار٦ أو ضرار، ويدخل تحته الجناية على
١ وهي كثيرة؛ كالمحاقلة، والمخابرة، والملامسة، والمنابذة، والمزابنة، وغيرها. "د".
قلت: للشيخ صالح الفوزان رسالة في البيوع المنهي عنها، وكتبت رسائل عدة في "بيع الغرر"، أجمعها رسالة أستاذنا ياسين درادكة: "نظرية الغرر في الشريعة الإسلامية"، وهي مطبوعة في مجلدين.
٢ في "ط": "بالتواتر".
٣ مضى تخريجه "٢/ ٧٢"، وهو صحيح بشواهده.
٤ كما في الآيات الثلاث. "د".
٥ كما في التعدي على النفوس وما بعده؛ فإنه كما قال: مَعْنًى فِي غَايَةِ الْعُمُومِ فِي الشَّرِيعَةِ لَا شك فيه؛ فهو قطعي في قواعد كليات، وحديث: "لا ضرر ولا ضرار" راجع له؛ فهو من الظني الراجع إلى قطعي. "د".
٦ في الأصل: "ضرر".