وَالسَّلَامُ: "الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ" ١، وَقَدْ أَعْمَلَ الْعُلَمَاءُ الْمُنَاسِبَ الْغَرِيبَ فِي أَبْوَابِ الْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فِي بَابِهِ، فَذَلِكَ غَيْرُ ضَائِرٍ إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْأَصْلِ الْقَطْعِيِّ لَيْسَ بِإِقَامَةِ٢ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ عَلَى صِحَّةِ الْعَمَلِ بِهِ؛ كَالدَّلِيلِ على أن العمل بخبر الواحد أبو بِالْقِيَاسِ وَاجِبٌ مَثَلًا، بَلِ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَخَصُّ٣ مِنْ ذَلِكَ؛ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" ٤ وَالْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ مَعَهُ، وَهُوَ٥ مَعْنًى مُخَالِفٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَهُ الْأُصُولِيُّونَ، والله أعلم.
١ مضى تخريجه "٢/ ٥٢١"، وهو صحيح.
٢ في "ط": إقامة".
٣ لأن الغرض هنا أن يتفق في معناه مع مقطوع به، وهذا أخص مما عناه الأصوليون؛ لأنه قد يكون معنى الخبر غير متفق مع مقطوع بخصوص معناه، ولكنه من حيث العمل به يعد مقطوعًا به لدخوله تحت قاعدة مقطوع بها، وهي العمل بخبر الواحد؛ فخبر القاتل لا يرث يقال: إنه راجع إلى قطعي بالمعنى الذي عناه الأصوليون لا بالمعنى المراد هنا؛ لأنه لم يتفق في معناه مع مقطوع به يؤيده؛ فلذا كان ما هنا أخص. "د".
٤ مضى تخريجه "٢/ ٧٢"، وهو حديث صحيح بشواهده.
٥ في "ف": "وهي".