نَقُولُ: "مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ"؛ فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهُمْ؛ فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا، وَعِنْدَهُ {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} النِّسَاءِ: ٤٢ .
وَخَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ؛ أَيْ: أَخْرَجَ الْمَاءَ وَالْمَرْعَى، وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ؛ فَخُلِقَتِ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَخُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وذلك قوله؛ أني١ لَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، فَلَا يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ؛ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ".
هَذَا تَمَامُ مَا قَالَ فِي الْجَوَابِ.
وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مَعْقُولٌ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ، وَأَتَى مِنْ بَابِهِ، وَهَكَذَا سَائِرُ مَا ذَكَرَ الطَّاعِنُونَ، وَمَا أَشْكَلَ عَلَى الطَّالِبِينِ، وَمَا وَقَفَ فِيهِ الرَّاسِخُونَ، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} النِّسَاءِ: ٨٢ .
وَفِي كِتَابِ الِاجْتِهَادِ مِنْ ذَلِكَ بَيَانٌ كافٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَقَدْ أَلَّفَ النَّاسُ٢ فِي رَفْعِ التَّنَاقُضِ وَالِاخْتِلَافِ عَنِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرًا، فَمَنْ تَشَوَّفَ إِلَى الْبَسْطِ وَمَدِّ الْبَاعِ وَشِفَاءِ الغليل؛ طلبه في مظانه.
١ كذا في "ط" وفي غيره: "أي".
٢ من المؤلفات في ذلك "مشكل الآثار"، و"شرح معاني الآثار"، كلاهما للطحاوي، وهما في الأحاديث والآثار، ودفع إيهام الاضطراب، للشنقيطي، وهو في الآيات التي في ظاهرها اضطراب، وهو مطبوع آخر" أضواء البيان"، ومفردًا وهو من نفائس الكتب.